فقه أدب التعايش ـ 13 ـ الشيخ حسين المصطفى

نموذج التعايش المذهبي في قلم الشيخ علي جمعة
كتب العلامة الدكتور علي جمعة مفتي مصر مقالاً مهماً يحمل عنوان: (الشيعة والسنة) نورده هنا كنموذج من نماذج أدبيات التعايش الفكري بين المذاهب:
(يحزننا ما يجري في العراق من فتنة عمياء تظهر رأسها بين السنة والشيعة ، وكثير من الناس يتساءلون : ما السنة ؟ وما الشيعة ؟ وما الخلاف بينهما ؟ وهل يعترف بعضهم ببعض ؟ وهل هما كدينين منفصلين كما يدّعي بعضهم في الغرب ؟ أقول : إنّ الأزهر الشريف قد اعترف بالمذاهب الفقهية الثمانية، التي يقلدها المسلمون في العالم في عصرنا الحاضر ، وهي الأربعة السنية (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ) ، واثنان من الشيعة (وهما الجعفرية والزبدية) ، واثنان من خارج ذلك وهما (الإباضية والظاهرية ) . وهذه المذاهب الثمانية هي التي تكون الموسوعة الفقهية التي بدأت في سنة 1960 بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والتي وضع برنامجها العلامة المرحوم محمد فرج السنهوري ومعه علماء من كبار رجال الفقه الإسلامي في مصر ، وكان قبل ذلك قد أصدر الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت قراراً باعتماد المذهب الجعفري ، واعتماد الأخذ منه عند أهل السنة ، وهذا كله نراه مسطوراً في كتب الفريقين عبر التاريخ ، يعرض هذا رأي هذا ، ويعرض ذلك رأي الآخر مرة لمناقشته ، ومره لاعتماده ، ومره لنصرته وترجيحه ، مما يدل على أنهما على دين واحد ، وعلى قبلة واحدة هي الكعبة المشرفة ، وعلى مصدر واحد هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصومون رمضان لا يختلفون فيه ، ويصلّون الخمسة ، ويحجون البيت ، فما الخلاف بينهما إذن ؟).
ثم بدأ فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة بعرض الأمثلة على المسائل الخلافية ثم أضاف: (ومثال هذه الخلافات، والتي يمكن في الحقيقة تجاوزها لا يمكن ان نقبل في عصرنا الحاضر أن تكون سبباً لدم يراق بين الفريقين ، ولا لعدوان ان يسبب حرباً أهلية فيما بيننا ، بل إنّ الوحدة فرض ديني يجب على الأمة كلها أن تمتثل إلية ، وهو ما رأيناه في كلام القيادات الواعية من الفريقين ، ورأيناه في حركة التقريب التي احتضنتها مصر من أواسك القرن العشرين، ثم شرعت منها إلى سائر بلاد العالم ، نسأل الله أن يوحد قلوب أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الخير) .