وصايا الإمام الرضا ـ عمار كاظم

يلتقي الإمام الرضا عليه السلام بتلميذه السيد عبدالعظيم الحسني ويرسله ليبلغ أولياءه ما يريده منهم لأنه عليه السلام يفكر بهم وفي أوضاعهم وفي كل ما يعيشونه ويراقب أوضاعهم (يا عبدالعظيم أبلغ عني أوليائي السلام وقل لهم ألا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلاً، وأمرهم بالصدق في الحديث وأداء الأمانة، وأمرهم بالسكوت وترك الجدال في ما لا يعنيهم وإقبال بعضهم على بعض والمزاورة، فإن ذلك قربة إلي، ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً فإني آليت على نفسي أنه من فعل ذلك وأسخط ولياً من أوليائي دعوت الله ليعذبه في الدنيا أشد العذاب وكان في الآخرة من الخاسرين. وعرِّفهم أن الله قد غفر لمحسنهم وتجاوز عن مسيئهم إلا من أشرك به أو آذى ولياً من أوليائي أو أضمر له سوءاً فإن الله لا يغفر له حتى يرجع عنه، فإن رجع عنه وإلا نزع روح الإيمان من قلبه وخرج من ولايتي ولم يكن له نصيب في ولايتنا وأعوذ بالله من ذلك).
الإمام الرضا عليه السلام القدوة والمعلم والمنار من أهل البيت عليهم السلام الذين هديهم وتوجيههم وتعاليمهم مدرسة غنية خالدة بالفكر العقائدي الأصيل والتوجيه الأخلاقي المستقيم والتربية الإجتماعية البناءة وقد أفاضت على دنيا المسلمين من الأفكار والمعارف والمفاهيم وقيم الأخلاق والتربية والتوجيه الإجتماعي ما يسلك أساساً لبناء الشخصية الإسلامية وقاعدة لصياغة المجتمع والدولة والحضارة الإسلامية.
ومن كلامه عليه السلام يحدد ملامح الروح الرسالية التي ينبغي للمؤمن أن يعيشها في حياته والتي تفتح أمام عينيه الآفاق الرحبة التي تنفتح على مسؤولياته في الدنيا والآخرة (إن الله عز وجل أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة أخرى، أمر بالصلاة والزكاة فمن صلى ولم يزك لم تقبل منه صلاته، وأمر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله، وأمر بإتقاء الله وصلة الرحم فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عز وجل).
وكان يحدّث أصحابه ويعيش معهم (لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون فيه ثلاث خصال، سنّة من ربه وسنّة من نبيه وسنّة من وليه، فأما السنّة من ربه فكتمان سرّه، وأما السنّة من نبيه فمداراة الناس، وأما السنّة من وليه فالصبر في البأساء والضراء). ويرى الإمام الرضا عليه السلام أن على المؤمن أن يتحلى بخصال ثلاث حتى يستكمل حقيقة الإيمان (لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال التفقه في الدين وحسن التقدير في المعيشة والصبر على الرزايا). ذلك قبس من هدي الإمام وإشعاع من نور معارفه وتوجيهاته تنير لنا درب الحياة وترسم أمامنا صورة الشخصية الإسلامية وحقيقتها الرسالية المتكاملة.