خطبة الجمعة 13 شعبان 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: سمات الدولةِ المهدوية


- يتطلع المنتظِرون بزوغَ فجر دولةِ العدلِ المهدوية على الأرض، الدولةِ التي بشّر بقيامها سيدنا ونبينا رسولُ الله (ص) كما روى ذلك المسلمون في كتبهم.
- فما هي أهم سمات هذه الدولة بحسب ما جاء في مرويات المسلمين؟
- وعندما نتتبع الروايات الخاصة بسمات الدولة المهدوية، فسنجد أنها تتلخّص في عدة عناوين، من أهمها:
1. تعميمُ العدلِ وانتشارُه في الأرض: وهذا أوضح وأكثر عنوان تم تسليط الضوء عليه في الروايات الخاصة بالدولة المهدوية، ومن نماذج ما روي في هذا الباب:
- عن النبي (ص): (لَتُمْلَأَنَّ الأرضُ ظلماً وعدواناً، ثُمَّ لَيَخْرُجَنَّ رجلٌ مِنْ أهلِ بيتِي ، حتَّى يملأَها قِسْطاً وعدلاً، كما مُلئَتْ ظلماً وعدواناً).
2. تمكينُ دينِ الله في الأرض: وهذا قد يتحقق من خلال مسارين، المسار الأول يتمثّل في الإقبال التلقائي نتيجة سياسة العدل المطبَّقة، ومن بينها مساواة الناس أمام القانون، فليس للتمايز الديني أو المذهبي أو العرقي أو اللون أو غير ذلك أثر في تطبيق القانون.
- ومن المعلوم أن تطبيق ذلك يُعدُّ من أكثر الوسائل تأثيراً في تحقيق جاذبيةِ القضيةِ وصاحبِها، أي جاذبية دينِ الله تعالى، وجاذبيةِ القائمِ بأمره المهدي (ع).
- عن الإمام علي (ع) (إن الوعظ الذي لا يمجُّه سمع، ولا يعدله نفع، ما سكت عنه لسانُ القول ونطقَ به لسانُ الفعل).
- ولربما شاهدتم من خلال بعض مقاطع الفيديو كيف أن عدداً من الناس لمّا شاهدوا صمود وبطولات وصبر واحتساب أهلِ غزة، أعلنوا دخولَهم في الإسلام انبهاراً بأثر هذا
الدين في صناعة الإنسان.. فكيف لو شاهدوا عدالة الدولة المهدوية في الأبعاد المختلفة؟
- المسار الثاني هو مسار الدعوة إلى دين الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وبعيداً عن الخرافة، والغلو، والتزوير، والإرهاب، والتطرّف، والنفاق، واستغلال الدين للمصالح الشخصية، وما إلى ذلك... وهو المسار الطبيعي المنتظَر من إمامٍ من أئمة الهدى (ع).
- عن الإمام الباقر (ع): (المهديّ وأصحابه يُملّكُهم اللهُ مشارقَ الأرض ومغاربَها، ويُظهرُ الدِّين، ويميتُ اللهُ عزَّ وجلَّ بِه وبأصحابِه البدعَ والباطلَ كما أمات السفهةُ الحقّ، لا يُرى أثرٌ مِن الظلم، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولله عاقبةُ الأمور).
3. مواجهةُ البِدعِ وتخليصُ الدينِ منها: فهناك الكثيرُ من الأباطيل التي شوّهت صورةَ الإسلام، ودين الفِطرة، وهناك الكثير من الإصرِ والأغلال التي وضعها الناس بعنوان أنها تشريعات أو مفاهيم إسلامية، وغير ذلك مما علق بالإسلام على مستوى المعتقَد، فانقسم المسلمون من خلالها وتفرّقوا وتقاتلوا، كما صارت سبباً في نفور الآخرين من الإسلام.
- عن عبد الله بن عطا قال: (سألت أبا جعفر الباقر (ع): فقلت: إذا قام القائم (ع) بأي سيرة يسير في الناس؟ فقال: يهدم ما قبله كما صَنعَ رسولُ الله (ص)، ويستأنفُ الإسلامَ جديداً) أي يعيدُ تقديمَ الإسلامَ المحمّديَ خالصاً من كل الشوائب والتحريفات.
4. تحقيق الرخاء الاقتصادي: ويمكن تصوّر ذلك من خلال عاملين، الأول العدل والأمن والسياسات الاقتصادية السليمة، والعامل الثاني الوعد الإلهي: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الأعراف:96].
- عن رسول الله (ص) أنّه قال: (تصدّقوا، فيوشك الرجل يمشي بصدقته فيقول الّذي أُعطيها: لو جئت بها بالأمس قبلتُها، وأمّا الآن فلا حاجة لي فيها، فلا يجد من يقبلُها).
5. ترسيخ الأمن: فالعدالة، والحزم في تنفيذ القانون على الجميع، والرفاه الاقتصادي، والتوعية المستدامة، من شأن كل ذلك مجتمِعاً أن يجلب الأمن، وقد روي عن الصادق (ع) قوله: (إذا قام القائم، حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجَور، وأَمِنَت به السُّبل).
- كل السمات السابقة للدولة المهدوية، تُعتبر -قرآنياً- نتائجَ منطقية ومتوقَّعة... وهو ما سنتوقف عنده في الخطبة الثانية بإذن الله تعالى لمزيد من البيان والتوضيح.