خطبة الجمعة 29 رجب 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: التمرد على القضاء الإلهي

- من سقطاتِ الإنسان في الحياة أن يعيش حالةً من السَّخط على قضاء الله وقدره، في لحظة غفلة، أو حسد، أو ضعف.
- الإمام زين العابدين (ع) في دعائه الذي جاء بعنوان: (في الرِّضا إذا نظر إلى أصحابِ الدُّنيا) يُقدِّم وصفةً عمليةً لمعالجة هذه المشكلة، وذلك من خلال كشف ما وراء هذا الموقف الساخط، فالخطوة الأولى تشخيص المرض، والثانية المعالجة، وجاءت كالتالي:
1. (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ، وَطَيِّبْ بِقَضَائِـكَ نَفْسِي، وَوَسِّعْ بِمَـواقِعِ حُكْمِكَ صَدْرِي). – هناك أهواء ورغبات شخصية، وهناك الاختيار الإلهي المخالف لها... المفترض بالمؤمن أن يميل إلى الاختيار الإلهي دون تردد مهما ضغطَت الأهواء.
- إذاً أوّل خلل محتما هو قوة الهوى.
- فالعلاج – مع الدعاء- أن يدرِّب المؤمن نفسه على ذلك، ويلقّنها الرضا بقضاء الله، ويتحكم في أهوائه.
2. (وَهَبْ لِي الثِّقَةَ لأُقِرَّ مَعَهَا بِأَنَّ قَضَاءَكَ لَمْ يَجْرِ إلاَّ بِالْخِيَرَةِ). فمثل هذه الحالة من السخط كاشفة عن خلل آخر يتمثّل في ضعف الثقة بالله... والمعالجة تتطلّب إعادة بناء هذه الثقة من خلال اليقين بأن الخير في ما اختاره الله العليم بخفايا الأمور ومآلاتها.
3. (وَاجْعَلْ شُكْرِي لَكَ عَلَى مَا زَوَيْتَ عَنّي أَوْفَرَ مِنْ شُكْرِي إيَّاكَ عَلَى مَا خَوَّلْتَنِي).
- الخلل الثالث هو أن الإنسان قد لا يشكر الله إلا في المواطن التي يحصل فيها على ما يريد والمتوافقة مع هواه، والمعالجة تتمثّل في تدريب النفس على الشكر حتى في المواطن الأخرى التي يعاني فيها الإنسان، أو التي تأتي على خلاف الهوى.
4. (وَاعْصِمْنِي مِن أنْ أظُنَّ بِذِي عُدْم خَسَاسَةً، أَوْ أَظُنَّ بِصَاحِبِ ثَرْوَة فَضْلاً).
- الخلل الرابع يتمثّل في المعيار الخاطئ في تقييم الأمور، وذلك بالاعتماد على البعد
المادي في التقييم فقط، ولذا فالخير والرفعة عندي مرتبطان بوفرة المال، والشر والخسّة عندي مرتبطان بقلة المال أو انعدامه.
- وهذا بدوره يستدعي معالجة معيار تقييم الناس والأمور عندي وفق الرؤية التالية: (فَإنَّ الشَّرِيفَ مَنْ شَرَّفَتْهُ طَاعَتُكَ، وَالْعَزِيزَ مَنْ أَعَزَّتْهُ عِبَادَتُكَ).
- ثم ينبّه الإمام (ع) إلى ضرورة اللجوء إلى الله تعالى في طلب الإصلاح والتغيير، فهو وحده الذي بيده مفاتيح كل شيء: (فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَمَتِّعْنَا بِثَرْوَة لاَ تَنْفَدُ، وَأَيِّدْنَا بِعِزٍّ لاَ يُفْقَدُ، وَأَسْرِحْنَا فِيْ مُلْكِ الأَبَدِ، إنَّكَ الْوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ).