خطبة الجمعة 8 رجب 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الرسل والرسالات

- جاء في الخطبة الأولى من نهج البلاغة عن علي (ع) بعد الكلام عن آدم وخلقته: (وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ، وَعَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ، لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، فَجَهِلُوا حَقَّهُ، وَاتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ مَعَهُ، وَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ) أي صرفتهم عن معرفة الله على الرغم من أن فطرتَهم تهديهم إليه (وَاقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ) في إشارة إلى قوله تعالى: [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ] ففطرة الإنسان تدل على الله، ولكن في البين عوامل تصرف الإنسان عن هذه الهداية، فبعث الله رسله ليذكّروا الناس بهذه الفطرة وبالميثاق الغيبي القائم بينهم وبين الخالق (وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ، مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ، وَمِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ، وَمَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ، وَآجَالٍ تُفْنِيهِمْ، وَأَوْصَابٍ) متاعب (تُهْرِمُهُمْ، وَأَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ، أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ، أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ، رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ، وَلَا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ) فلديهم من العزيمة، والقوة، والتوكل على الله، وتحمّل المسئولية، ما يجعلهم يمضون في أداء مهامّهم مهما كانت التحديات (مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ) كما بُشّر بالمسيح، وكما بشّر موسى والمسيح بنبينا (أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ. عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ، وَمَضَتِ الدُّهُورُ، وَسَلَفَتِ الْآبَاءُ، وَخَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ).
- ولنا في الخطبة الثانية وقفة أخرى للحديث عن الغاية من إرسال الرسل.