خطبة سماحة الشيخ علي حول الآخرة


ـ علي: (ألا حر يدع هذه اللُّماظة لأهلها!! إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها إلاّ بها).
ـ الانغماس في الحياة الدنيا عبودية دنية، والاستسلام للشهوات عبودية دنية، والإصرار على المعاصي عبودية دنية، وبئست هذه العبودية لأنها لشئ زائل ولذته مؤقتة، فهل تستحق أن تبيع آخرتك الأبدية والجنة التي عرضها السماوات والأرض من أجلها؟! أي عاقل يفعل ذلك وهو يعلم أن الحساب وراءه؟! هذه التي نهرول وراءها لماظة.. يترك أحدهم آخرته فلا يعرف مسجداً إلخ.. ولا يعرف أحدهم عن أسرته شيئاً.. ويعطّل مصالح الناس ومعاملاتهم.. فهل من مجيب لنداء أمير المؤمنين؟
ـ يعجبني هنا أن أنقل كلاماً للمرحوم العلامة الشيخ محمد جواد مغنية يتحدث فيها عن مشاعره كلما تذكر الآخرة، فقال: [ أتخوف كثيرا يوم البعث والحشر، وما تصورت موقفي بين يدي الله لنقاش الحساب إلا اهتز كياني من خشيته، واضطربت أركاني من هيبته... أبداً لا مغبوط ولا سعيد إلا من زحزح عن النار، وسلامٌ على من قال: المغبوط من سلِم له دينُه والسعيد من وُعظ بغيره، والشقي نم انخدع لهواه وغروره.
ويروى أن سفيهاً من السفهاء حاول أن يُغضب سلمان الفارسي ويستخفه فقال له: يا كلب، قال سلمان: أمامي صراط، إن تجاوزتُه فذاك، وإلا فالكلب خير مني.... سلمان على عظمته عند الله يخاف الصراط، ولا يدري هل يعبره إلى شاطئ الامان أو تزل به القدم، ونحن في طيش الهوى والغباء.
وقال لي قائل: هنيئا لك، ألّفت ونشرت. فقلت له: ليست العبرة بالكتاب والكتابة، بل بما يترك الإنسان لأخيه الإنسان من أثر جديد ومفيد، فأديسون لم يترك كتاباً أو يكتب مقالا ولكنه أعطى الانسانية الكهرابء والنور، ولولاه لم يكن هذا العالم الحديث ممكنا].
ـ نعم إخواني أخواتي، فبمقدار ما نقدّم من خير وعمل صالح ومنفعة دنيوية او اخروية نرجو بها وجه الله تعالى وقبل أن يفاجئنا الموت، سيكون استعدادنا للرحيل من الدنيا الفانية أفضل، وقدومنا على الله تعالى أوجه وأحسن.
ـ البعض يتضايق ممن يذكّره بالموت وبالآخرة، وهو مدرك لحقيقتهما، ويسوّف عمل الخير ويوصي أن يُفعَل من بعده، لأنه لا يتحمل أن يرى نقصا في خزينته، ولكن إذا جاء الموت يقول: (ياليتني قدّمت لحياتي) الحقيقية الخالدة، فهل تضمن تنفيذ وصيتك؟ وهل قيمة الوصية كقيمة الفعل؟