فقه أدب التعايش ـ 12 ـ الشيخ حسين المصطفى

كيف نقلل من الخلافات مع الآخرين؟
ليست المشكلة في أننا لا نعرف كيف نتفق، بل في أننا أصبحنا ننتج الخلاف، ومن هنا لا نعرف كيف نختلف، ولا نعرف كيف ندير خلافاتنا، لأننا إذا تعلمنا كيف ندير خلافاتنا فإنها لن تتحول إلى شئ يهدم حياتنا وحضارتنا، بل تتحول إلى شئ يغني ذلك كله ويشق الطريق نحو ما نلتقي عليه ويفتح العقل على الحوار في ما نختلف فيه.
يقول المرجع السيد محمد حسين فضل الله: (وفي مسألة الاختلافات في الأمة، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: "ما اختلفت أمة بعد نبيّها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها". فنحن نعيش الخلافات في الواقع الإسلامي كله، سواء الخلافات المذهبية أو العرقية أو الحزبية أو ما إلى ذلك، بفعل العصبيات التي استحدثناها، بحيث يستغل أهل الباطل هذا الصراع الداخلي الذي يدفع المسلمين إلى أن يقتلوا بعضهم بعضاً، ويكفّروا بعضهم بعضاً، ما يفسح في المجال أمام أهل الباطل للسيطرة على الواقع كله، لأن أهل الحق مشغولون بعصبياتهم وخلافاتهم.
ومن المهم أن نكتسب الخبرة التي تساعدنا على الوصول إلى أفضل الحلول الممكنة، وحين لا نجد حلاً فورياً لاعتبارات موضوعية علينا أن ندير تلك المشكلة حتى نعثر على الحل الدائم. وأهم هذه الحلول:
1. إن ما يثيره الخلاف بين الناس ـ في أكثر الأمور ـ ليس الحق الصريح أو الباطل المحض، وإنما الباطل الملتبس بالحق، والحق المختلط بالباطل، فإذا تعاملنا مع خلافاتنا بعقلية (إما هذا وإما ذاك) ففي الغالب أننا لن نصل إلى حلول جيدة.
2. تحديد نقاط الخلاف عند مناقشة أي خلاف، فإن البداية قد تكون بتحديد نقاط الخلاف التي أدت إلى حدوث سوء الفهم بين المتخاصمين. وإنما نقول هذا لأن التجربة علمتنا أن كثيراً من النزاعات التي تثور بين الأهل والأصدقاء والزملاء كثيراً ما تكون عبارة عن تحسسات نفسية لا ترتكز على معطيات فكرية محددة.
3. تهيئة الجو النفسي للحل وذلك من خلال التقليل من شأن الخلاف مهما كان ذلك ممكناً.
4. توجيه المزيد من الأسئلة التوضيحية البعيدة عن روح المواجهة، والاستماع لإجاباتها، وعلينا أن لا نتهم الطرف الآخر بأنه لا يجيب على الأسئلة، بل نوجه المزيد من الأسئلة حتى تتضح الصورة.
5. المحافظة على الهدوء بحيث يعطي الوقت الكافي لخصمه لسرد ما لديه.
6. الإغضاء عن الدوافع والمشاعر أثناء مناقشة الخلاف لأنه من السهل إنكارها، كما أن علينا تجنب الحديث عن المسائل الشخصية لأنها تسبب أذى بالغاً لمن نختلف معه.
7. الاعتراف بالخطأ وإن كان دوره صغيراً في المشكلة.
8. لفت نظر الخصم إلى هدف مشترك مما يفرض تجاوز الخلافات الصغيرة.