خطبة الجمعة 3 جمادى الأولى 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الاستعداد للسفر

من خطبة له (ع) برقم 64 في نهج البلاغة، وهي (في المبادرة إلى صالح الأعمال‏):
- (فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَابْتَاعُوا) اشتروا (مَا يَبْقَى لَكُمْ) أي نعيم الآخرة (بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ) أي قدّموا الدنيا الزائلة ثمناً للآخرة الخالدة.
- (وَتَرَحَّلُوا) أعدّوا زاد السفر للآخرة (فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ) هناك دعوة حثيثة مستمرّة تدفعكم باتجاه الانتقال عن هذه الدنيا، فكل ساعة تمر تقرّبنا من الموت (وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ).
- (وَكُونُوا قَوْماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا) لا يكن أحدنا كذاك الذي يضع المنبه ليستيقظ للصلاة أو لعمله، ويبقى المنبّه يرنّ ساعة وهو في نوم عميق، ويفوته ما من أجله وضع المنبّه، بل فلنكن كمن يستيقظ من أوّل رنّة.
- (وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ، فَاسْتَبْدَلُوا) لقد أيقنوا أنهم لم يُخلقوا للدنيا، ولذا لم
يولوها كل الأهمية، بل بمقدار حاجتهم، ثم صبّوا اهتمامهم نحو بناء آخرتهم.
- (فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى) مهمَلين، بل هو يشهد والملائكة يسجّلون (وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلَّا الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ) الأمر بهذا المستوى من الخطورة، فلا عودة، ولا فرصة ثانية، ولا حياة وسطية نصحّح من خلالها أوضاعَنا: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون:99-100].
- اللّهُمَّ اقْسِمْ لَنا مِنْ خَشْيَتِكَ ما يحَوُلُ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ، وَمِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ رِضْوانَكَ، وَمِنَ اليَّقِينِ ما يَهُونُ عَلَيْنا بِهِ مُصِيباتُ الدُّنْيا. اللّهُمَّ لا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا فِي دِينِنا، وَلا تَجْعَلْ الدُّنْيا أَكْبَر هَمِّنا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحَمُنا، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.