عدي بن حاتم الطائي

الصحابي الجليل أبوطريف عَدَي بن حاتم بن عبدالله الطائي، ابن سيد الجود عند العرب، ولد ما بين 51 – 54 قبل الهجرة، وتولى رئاسة قومه قبيلة طيء بعد وفاة أبيه وكان جواداً كأبيه ومقاتلاً شجاعاً وشاعراً مجيداً. ومسكنهم بأرض الجبلين (أجا وسلمى( وعندهم صنم (الفلس) الذي كان يعبده بعض المشركين الساكنين في المنطقة، وهي منطقة حائل حالياً. وكان هو وقومه يدينون بالمسيحية (أو الركوسيّة وهو دين بين النصرانيّة والصابئيّة)، فأرسل لهم النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم سرية بقيادة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لغزوهم، فحقق المسلمون النصر، وأسروا أبناء القبيلة، وفيهم سفانة بنت حاتم الطائي أخت عدي، فدار بينها وبين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حواراً ففك أسرها وأكرمها وأعادها إلى قومها، فدعت أخاها عدياً ليفد على النبي، فوفد عليه عام7 هـ ـ 628م، فأسلم بعدما رأى الصدق في كلام النبي والزهد في مسلكه والوفاء والجود في خلقه.
ولاؤه لعلي:
شهد الصحابي الجليل عدي بوقوع نداء النبي في يوم الغدير بولاية الإمام علي، وذلك عندما ناشد الإمام من حوله قائلاً: (أُنشد اللهَ مَن شَهِد يومَ غدير خُمّ إلاّ قام، ولا يقوم رجل يقول نُبّئتُ أو بلغني، إلاّ رجلٌ سمِعت أُذُناه ووعاه قلبه). فقام سبعة عشر رجلاً منهم: عَدِيّ بن حاتم.. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: (هاتوا ما سمعتم). فنقلوا واقعة الغدير حتّى انتهَوا إلى القول: (ثمّ أخذ صلّى الله عليه وآله بيدك يا أمير المؤمنين، فرفعها وقال: مَن كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه). فقال عليٌّ عليه السّلام: (صدقتُم، وأنا على ذلك من الشاهدين). كما شهد عدي واقعة الجمل إلى جانب أمير المؤمنين علي عليه السلام، وفيها ذهبت إحدى عينيه، وشهد واقعتي صِفِّين والنهروان. وهو القائل:
نسيرُ إذا ما كاعَ قومٌ وبَلّدوا براياتِ صدقٍ كالنُّسورِ الخَوافِقِ
إلى شَرِّ قومٍ مِن شُراةٍ تَحزَّبوا وعادَوا إلهَ الناسِ ربَّ المَشارقِ
طُغاةٍ عُماةٍ مارقينَ عن الهدى وكلِّ لعينٍ قولُه غيرُ صادقِ
وفِينا عليٌّ ذو المعالي يَقودُنا إليهم جَهاراً بالسُّيوفِ البَوارقِ
وقال في الرَّجَز: أقولُ لمّا أن رأيتُ المَعمَعه.. واجتمع الجُندانِ وَسْطَ البلقعهْ.. هذا عليٌّ والهدى حقّاً مَعَهْ.. يا ربِّ فاحفظْه ولا تُضيِّعَهْ.. فإنّه يخشاكَ ربّي فارفعَهْ.. ومَن أراد عيبَهُ فضَعضِعَهْ.. أو كادَهُ بالبغيِ منك فاقمَعَهْ.
مع الإمام الحسن:
و بعد استشهاد الإمام علي استمر عدي في ولائه لأهل البيت حيث كان مع الإمام الحسن عليه السلام وكانت له مواقف مشرّفة وكلمات صادقة في المواقف العصيبة. فعلى أثر تحريك معاوية لقواته باتجاه العراق، أعلن الإمام الحسن الاستنفار وخطب في أهل الكوفة فما تكلّم أحد منهم ولا أجابه بحرف، فلمّا رأى عديّ ذلك قام فقال: (أنا ابن حاتم، سبحان الله ما أقبح هذا المقام!). ثمّ خرج إلى معسكر النُّخَيلة، فكان أوّلَ الناس عسكراً. وتبعه في الكلام بعض أصحاب الحسن، فشكر الإمام موقفهم: (صَدَقتُم رحمكمُ الله، ما زلتُ أعرفكم بصدق النيّة والوفاء والقبول والمودّة الصحيحة، فجزاكمُ اللهُ خيراً). توفي رحمه الله ما بين 66 – 69 هـ في أيّام ولاية المختار الثقفيّ.