فقه أدب التعايش ـ 10 ـ الشيخ حسين المصطفى

محاكمة العقائد:
لقد كان المرجع السيد محمد حسين فضل الله كثيراً ما ينظر إلى أن ظاهرة التكفير والتضليل المتنامية في الأوساط الإسلامية في أساليبها المدمرة وتجلياتها القاتلة ما هي إلا خدمة مجانية لأعداء الإسلام، ومن هذا السياق العقلاني يقول: (إن الذين يستسهلون سلوك طريق القتل حتى ضد المسلمين يعيشون في حالة من الفوضى المفاهيمية التي غالباً ما تقود إلى فوضى سياسية وعسكرية وأمنية تجعلهم يسفكون الدماء داخل المجتمع الإسلامي بدم بارد، حتى وإن قادهم ذلك إلى قتل النساء والأطفال والشيوخ في غير حالة حرب، ولا شك في أن ذلك يختلف تماماً عن العمليات الاستشهادية التي تنطلق في مواجهة الاحتلال كتلك التي ينطلق بها المجاهدون في فلسطين من خلال اضطرار الشعب للدفاع عن نفسه والتي قد يسقط فيها الأبرياء عرضاً، تماما كما يسقط الأبرياء في ساحة الحرب، ومن هنا فإن ظاهرة التكفير التي تتحرك في أكثر من سياق وبعيداً عن الموازين الشرعية والإنسانية استطاعت أن تصنع واقعاً مدمراً في العالم العربي والإسلامي، كما أعطت الفرصة للمستكبرين في العالم لكي تحرك عنوان الحرب ضد الإرهاب في طول هذا العالم وعرضه).
ولذا نراه يضع رؤيته المتكاملة في الحفاظ على أمن المسلمين بجميع طوائفهم، والتي من شأنها أن تقضي على جذور الفتنة بين المسلمين، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1 ـ اعتبار التنوع حالة طبيعية انطلقت من اختلاف فهم وقائع التاريخ والاجتهاد في فهم النصوص، وآليات الأخذ بها.. وإنه من الضروري التأكيد على حسن التعامل مع الاختلاف، والأخلاقية المطلوبة عند حصوله.
2 ـ التأكيد على جدية العمل للتقريب بين المذاهب وتوسيع دائرتها لتشمل كل مواقع المجتمع وتنوعاته.
3 ـ التأكيد على أهمية القضايا الإسلامية الحيوية والتحديات التي تواجه الواقع الإسلامي وضرورة توحيد الجهود لمواجهتها وإزالة كل الحساسيات التي تحول دون ذلك.
4 ـ عدم اعتبار التقريب بين المذاهب الإسلامية تنكراً لهذه المذاهب وإساءة للعاملين لها بقدر ما تعني تأكيداً للقاء، وتبياناً لمواقع الاختلاف بطريقة علمية وموضوعية، وسعياً لتقليص مواقعها.
5 ـ التنبه إلى سعي الكثيرين ممن لا يريدون خيراً بالواقع الإسلامي إلى تمزيقه من خلال تكبير مواقع الاختلاف في داخله والتأكيد على تعميق الهوة فيما بينهم.
6 ـ معالجة ظاهرة التكفير بدراسة أفضل الوسائل والسبل للتعامل معها ومحاورتها لترشيدها وتوجيهها وإزالة اللبس الذي يحصل من خلال بعض الكلمات الواردة عند بعض المرجعيات الدينية لتبيان الفهم الصحيح لبعض الأحاديث الواردة التي قد يستقيم معها ذلك.
7 ـ إزالة الإحباط الموجود لدى البعض انطلاقاً من بعض الوقائع بحيث بات هذا البعض يعتبر أن لا فائدة أو جدوى في أي عمل تقريبي أو أن الهدف منه فقط هو التسويق الإعلامي لهذا البلد أو ذاك وهذه الجهة أو تلك.
8 ـ معالجة الخوف المتبادل، الذي يعتبر أن التقريب بين المذاهب يساهم في تقوية الآخر أو إن الدعوة إليه هي قوة له أو وسيلة لهيمنة مذهب على آخر.
9 ـ التربية على عدم جواز أساليب الاستفزاز وسياسة السب واللّعن في التعامل مع مواقع الاختلاف.
10 ـ العمل الحثيث والسريع لحل المشاكل السياسية التي تساهم في التوتير المذهبي والخلافات الطارئة.
11 ـ دعوة العلماء الفاعلين والواعين في الأمة الإسلامية إلى رفع أصواتهم عالياً وعدم ترك الساحة تعاني من الذين يسعون إلى تمزيقها.
12ـ التفريق ما بين الخلاف السياسي والمذهبي لأن هناك خلطاً قد يؤدي إلى زيادة التوتير المذهبي وتعميقه.
13 ـ توضيح الكثير من الظواهر التي تفسر أنها تمثل استفزازاً للآخر، فيما هي في حقيقة الأمر لا تحمل ذلك وإزالة بعض العناوين التي تؤدي إلى ذلك.
14 ـ التأكيد على لغة التلاقي سواء في المواقع العلمائية أو المساجد أو الأنشطة المشتركة، التي تساهم بإذابة الجليد التاريخي الذي ينتجه واقع الاختلاف ويحرص الجميع عليه.
15 ـ التدخل لدى البلدان والجهات الرسمية لإزالة التوترات التي تتخذ طابعاً مذهبياً أو تؤدي إلى شعور مذهب بالغبن على حساب مذهب آخر بما يساهم في تعزيز التحسس المذهبي.