الصوم إعداد وتربية - عمار كاظم

الصوم مدرسة عمل ومنهاج عبادة وفترة إعداد وتربية تصقل في رحابها قوى الانسان وتتربى في مرابعها ملكات الخير وتزهر في رياضها نوازع الانسان النبيلة.وقد عبر الامام الصادق عليه السلام عن هذه الحقيقة بقوله: (ليس الصيام من الطعام والشراب ألا يأكل الانسان ولا يشرب فقط، ولكن اذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك وبطنك وفرجك واحفظ يدك وفرجك وأكثر السكوت الا من خير وارفق بخادمك) ويوجهنا الإسلام اتجاها ايجابيا ليوجه الصائم الى الالتزام بمكارم الأخلاق ومحاسن العبادات ففي رواية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أيها الناس من حسّن خلقه في هذا الشهر كان له جوازا على الصراط يوم تزل فيه الأقدام).فالصوم يربي قوة الارادة ويغرس فضيلة الصبر والقدرة على التحمل واحتمال الجوع والعطش ومغالبة الشهوات فقد وصف رسول الله شهر الصوم بأنه: (شهر الصبر وان الصبر ثوابه الجنة وهو شهر المواساة).
والصوم يعمل على تغيير سلوك الانسان الى سلوك يقوم على الوعي والتفكر واختيار المواقف بتحكم الانسان في سلوكه أثناء الصوم وتعامله تعاملا واعيا واراديا، والصوم يعمل على تنظيم نشاط الغرائز وتوجيهها وترويض الجسد على التبعية للقوى الروحية والنفسية المتعالية.والصوم يحافظ على صحة الجسم يحفظ طاقات البدن من الاسراف واعطاء أجهزة الجسم فترة للاستراحة واستعادة النشاط.والصوم تربية للفضائل الأخلاقية وتربية لقوى النفس الخيرة وتعويد للانسان على ترك الرذائل بعد ان يعمل خلال شهر كامل على ضبط مشاعره ولسانه وغرائزه ووجدانه من الاساءة والانحراف.والصوم يعمل على توثيق الصلة والعلاقة الدائمة بالله تعالى بشعور الصائم المستمر بأنه يعبر خلال صومه عن الاستجابة الدائمة لارادة الله سبحانه وينفذ أوامره.فلمثل هذه الأغراض شرع الصوم ولهذه المنافع التعبدية والتربوية جعل الصوم فريضة على كل مسلم قادر على أدائه، ولذلك جعل الصوم جزءا من المنهج الإسلامي الاصلاحي والتربوي الذي يستهدف خير البشرية واصلاحها.