العدالة الاجتماعية - الشيخ حسين الراضي

{يا أيُّها الّذين آمنُوا كُونُوا قوّامين لِلّهِ شُهداء بِالْقِسْطِ ولا يجْرِمنّكُمْ شنآنُ قوْمٍ على‏ ألاّ تعْدِلُوا اعْدِلُوا هُو أقْربُ لِلتّقْوى‏ واتّقُوا اللّه ان اللّه خبيرٌ بِما تعْملُون} المائدة:8.
يستفاد من مفهوم الآية المتقدمة وجوب العدالة على كل المكلفين فيجب على الانسان ان يعدل بينه وبين زوجه وبينه وبين أولاده وبينه وبين جاره وبينه وبين رعيته ومن هو تحت يده، وهكذا فيما بين الدول وبين الشعوب والأقوام والأحزاب، ويجب ان تنتشر العدالة الاجتماعية وتشمل الجميع وبلا فرق بين الأقربين كالوالدين وذوي الأرحام أو الأبعدين، سواء كان في جانب اقامة الشهادة لهم أو عليهم أو في جانب القضاء أو أداء الحقوق الفردية والاجتماعية والأسرية، ان الاسلام يرى الناس سواسية في الحقوق أمام القانون ففي المواطنة والمعايشة لا يفرق بين الأبيض والأسود ولا بين الرئيس والمرؤوس ولا بين الغني والفقير ولا بين المسلم وغيره فكلهم عباد الله وهم متساوون أمام العدالة.وقد قال الامام أمير المؤمنين عليه السلام في عهده الى مالك الأشتر لمّا ولاه مصر: {وأشْعِرْ قلْبك الرّحْمة لِلرّعِيّةِ والْمحبّة لهُمْ واللُّطْف بِهِمْ ولا تكُوننّ عليْهِمْ سبُعاً ضارِياً تغْتنِمُ أكْلهُمْ فانّهُمْ صِنْفانِ امّا أخٌ لك فِي الدِّينِ وامّا نظِيرٌ لك فِي الْخلْق‏}.
فحينئذ الناس سواسية وهم صنفان: 1.المسلمون على اختلاف مذاهبهم مهما تعددت واختلفت فقهياً أو عقائدياً، فهم سواسية أمام القانون والمواطنة.
2.وغير المسلمين على اختلاف دياناتهم أيضاً يتساوون في الحقوق الوطنية والمعايشة بينهم وبين المسلمين، ولا يجوز لأحد ان يبهتهم ويكذب عليهم وينسب لهم ما ليس فيهم فان هذا بهتان عظيم وقد أفتى معظم الفقهاء بذلك.
الى ان يقول عليه السلام لمالك الأشتر: {أنْصِفِ اللّه وأنْصِفِ النّاس مِنْ نفْسِك ومِنْ خاصّةِ أهْلِك ومنْ لك فِيهِ هوًى مِنْ رعِيّتِك فانّك الّا تفْعلْ تظْلِمْ ومنْ ظلم عِباد اللّهِ كان اللّهُ خصْمهُ دُون عِبادِهِ ومنْ خاصمهُ اللّهُ أدْحض حُجّتهُ‏ وكان لِلّهِ حرْباً حتّى ينْزِع أوْ يتُوب}. وقد وردت على غرار هذا الكلام بالاضافة الى الآيات القرآنية عشرات الأحاديث وعشرات الحكم عن النبي وأهل بيته الأطهار، وهذه النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة روح الاسلام التي تجمع على وجوب العدل والانصاف حتى مع الأعداء والمساواة في الحقوق بين الناس خصوصاً في الشهادة والقضاء بين جميع المسلمين بل ومع غيرهم أيضاً