آية وفكرة (2) ...ماذا يعني أن الهدي في الحج لن ينال الله بل ينال التقوى ؟ الشيخ علي حسن


لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ
الحج : 37
ما معنى:
لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ؟
بعد أن تحدثت الآية التي سبقتها عن تشريع الهدي في الحج، بيّنت هذه الآية أن الله غنيٌّ عمّا يقدّمه الناس
من الهدي الذي هو في الأساس نعمة من نعم الله سبحانه منَّ بها على الإنسان، قال تعالى:
وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ... وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ
النحل : 5-7 ، 80
ولذا قال في بداية الآية: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا
فهو خالقها وخالقكم، فلم يتعبّدكم بنحرها لترجع منفعتها إليه، تماماً كما هو الحال في العبادات كلها، فلا شيء منها يرجع إليه إليه، لأنه الغني الذي لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضرّه معصية من عصاه.
وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ
فالعطاء المادي بلا مقابل تقرباً إلى الله والمتحقق من خلال نحر البُدن وتوزيع لحمها على القانع والمعتر، هذا العطاء ينمّي التقوى في النفس، ويفعّلها في الواقع، فالتقوى تنطلق من الطاعة المطلقة لله سبحانه، ومراقبة النفس في مدى التزامها بأوامر الله ونهيه، ومثل هذا العطاء والتغلّب على الأنا وحب الدنيا والمال عندما يتكرر، فإنه يعمّق حالة التقوى لدى الإنسان المؤمن.
ماذا نستفيد من الآية؟
1. الله سبحانه وتعالى غنيّ عن عبادات عباده وعطاءاتهم، فهو الخالق وهو الرازق. لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا

2. للأعمال والعبادات الظاهرية في الدين أهداف سامية تكمن وراءها، ومن أهمها تحقيق العبودية لله تعالى وطاعته وتنمية الحالة الروحية عند الإنسان المؤمن ورفع مستوى التقوى لديه. وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ
3. من خلال العبادة -ومنها الهدي- يستحضر الإنسان عظمة الله تعالى وفضله. لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
4. نعمة الهداية تستحق العناية وشكر الله تعالى عليها. لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
5. لمناسك الحج دور ظاهر في هداية الإنسان. عَلَى مَا هَدَاكُمْ.
6. لولا أن منّ الله على عباده بالهداية لضلّوا. هَدَاكُمْ

7. أداء مناسك الحج عن وعي يضع الإنسان في جملة المحسنين المبشرين بالنعيم. وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ