خطبة لسماحة الشيخ علي حسن غلوم حول الكبر


ـ من أهداف العبادات تذليل النفس البشرية الجامحة المتكبرة على الله وعباده قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) وقال الإمام الصادق عليه السلام في حكمة الصوم: (وليكون الصائم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا صابرا لما أصابه من الجوع والعطش ، فيستوجب الثواب مع ما فيه من الإمساك عن الشهوات ، وليكون ذلك واعظا لهم في العاجل ، ورائضا لهم على أداء ما كلفهم) .
ـ من أخطر ما يبتلي به الإنسان أن يكون متكبراًَ، وبتعبير أمير المؤمنين عليه السلام: (فالله الله في عاجل البغي وآجل وخامة الظلم وسوء عاقبة الكبر ، فإنها مصيدة إبليس العظمى ومكيدته الكبرى ، التي تساور قلوب الرجال مساورة السموم القاتلة ، فما تكدي أبدا ولا تشوي أحدا ، لا عالما لعلمه ولا مقلا في طمره).
والكبر من حيث المفهوم أوجزته كلمات النبي (ص) حيث قال: (الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره، وتنظر إلى الناس ولا ترى أن أحداً عِرضُه كعِرضِك ولا دمُه كدمِك).
ـ ويكفي العاقل أن يتجنب هذا الخلق حين يدرك أسبابه وآثاره السلبية: أما الأسباب فعن الصادق عليه السلام: (ما من رجل تكبر أو تجبر إلا من ذلة في نفسه) ـ وأما الآثار فعلى مستوى العلاقة بالله سبحانه واليوم الآخر ما عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (يقول الله جل وعلا: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار). وعلى مستوى العقل يقول الإمام الباقر عليه السلام: (ما دخل قلب امرئ شئ من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك ، قل ذلك أو كثر). و على مستوى العلاقات الاجتماعية ما عن علي عليه السلام: (الكبر خليقة مردية ، من تكثّر بها قل).
ـ المفترض أن الصيام قد عدّل هذا الخلل في الميزان عند الإنسان حيث يكتشف ضعفه وحاجته، ونسأل الله أن يوفقنا للمحافظة على التواضع. ابحث عزيزي عن مواطن الكبر في نفسك وأنت تتعامل مع الوافد الفقير، وأنت تقود سيارتك، وأنت تتعامل مع موظفيك، وأنت تتعامل مع زملائك الطلبة ممن تفوقت عليهم، وأنت تتعامل كعسكري مع الناس أو مع الأقل رتبة منك، وأنت تتعامل مع من لا يحملون شهادات وعناوين متقدمة مثلك... ثم انزع الكبر من نفسك، فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة كبر.