من أعيان الشيعة : السيدة أروى بنت عبدالمطلب


برقم 766: أروى بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة النبي (ص).
صحابية شاعرة فصيحة، سبقت إلى الإسلام فأسلمت بمكة في أوائل البعثة، وهاجرت إلى المدينة.
الاستيعاب: اختُلف في أم أروى بنت عبد المطلب، فقيل: أمها فاطمة بنت عمرو بن عائد بن مخزوم. فلو صح هذا كانت شقيقة عبدالله والزبير وأبي طالب وعبد الكعبة وأم حكيم وأميمة وعاتكة وبرة.
وقيل: بل أمها صفية بنت جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، فلو صح هذا كانت شقيقة الحارث بن عبد المطلب.
وأهل النسب لا يعرفون لعبد المطلب بنتاً إلا من المخزومية، إلا صفية وحدها فإنها من الزهرية. الطبقات الكبرى:
تزوجها في الجاهلية عمير بن وهب بن عبد مناف بن قصي، فولدت له طُليبا، ثم خلف عليها أرطاة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، فولدت له فاطمة، ثم أسلمت أروى بنت عبد المطلب بمكة وهاجرت إلى المدينة. ثم روى بسنده أن طليب بن عمير أسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، ثم خرج فدخل على أمه أروى فقال: تبعتُ محمداً وأسلمت لله فقالت له، إنّ أحقّ مَن وازرت وعضدت ابنُ خالك، والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه. قال: فما يمنعك يا أمي من أن تُسلمي وتتّبعيه؟ فقد أسلم أخوك حمزة. فقالت: أنظرُ ما يصنع أخواتي، ثم أكون إحداهن. قال: فإني أسألك بالله إلا أتيته فسلّمتِ عليه وصدقتِه وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ثم كانت تعضد النبي (ص) بلسانها، وتحض ابنها على نصرته والقيام بأمره. ثم روى أيضاً بسنده أن أبا جهل وعِدّة من كفار قريش عرضوا للنبي(ص) فآذوه، فعمد طليب بن عمير إلى أبي جهل فضربه ضربة شجّه بها، فأخذوه وأوثقوه، فقام دونه أبو لهب حتى خلّاه. فقيل لأروى: ألا ترين ابنك قد صيّر نفسه غرضاً دون محمد، فقالت: خيرُ أيامه يوم يذبّ عن ابن خاله، وقد جاء بالحق مِن عند الله، فقالوا: ولقد تبعتِ محمداً؟ قالت: نعم، فأخبر بعضهم أبا لهب فقال لها: عجباً لك ولاتّباعك محمداً، وتَرْكِ دين عبد المطلب؟ فقالت: قد كان ذلك، فقم دون ابنِ أخيك واعضده وامنعه، فإن يظهر أمرُه فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على
دينك، فإن يُصِبْ كنتَ قد أعذرت في ابن أخيك. فقال أبو لهب: ولنا طاقة بالعرب قاطبة؟ جاء بدين محدَث. ثم انصرف فقالت أروى يومئذ:
إن طليباً نصر ابن خاله
آساه في ذي ذمّة وماله
من شعرها ما رثت به أباها عبد المطلب في حياته، وذلك أنه جمع بناته في مرضه وهن أروى وأم حكيم البيضاء وأميمة وبرة وصفية وعاتكة، وأمرهن بأن يقلن في حياته ما يردن أن يرثينه به بعد وفاته ليسمع ما تريد أن تقول كل واحدة منهن، فأنشأت كل واحدة منهن أبياتاً في رثائه، فقالت أروى تبكي أباها:
بَكَتْ عَيْنَيَّ وَحُقَّ لَهَا الْبُكَاءُ
عَلَى سَمْحٍ سَجِيَّتُهُ الْحَيَاءُ
عَلَى سَهْلِ الْخَلِيقَةِ أبْطَحيٍّ
كَرِيمِ الْخِيمِ نِيَّتُهُ الْعَلَاءُ
عَلَى الْفَيَّاضِ شَيْبَةَ ذِي الْمَعَالِ
أَبِيكِ الْخَيْرِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
طَوِيلِ الْبَاعِ أَمْلَسَ شَيْظميٌّ
أَغَرَّ كَأَنَّ غُرَّتَهُ ضِيَاءُ
أَقَبِّ الْكَشْحِ أَرُوعَ ذِي فُضُولٍ
لَهُ الْمَجْدُ الْمُقَدَّمُ وَالسَّنَاءُ
أَبِيِّ الضَّيْمِ أَبْلَجَ هِبْرَزِيٌّ
قَدِيمِ الْمَجْدِ لَيْسَ لَهُ خَفَاءُ
وَمَعْقِلِ مَالِكٍ وَرَبِيعِ فِهْرٍ
وَفَاصِلِهَا إذَا اُلْتُمِسَ الْقَضَاءُ
وَكَانَ هُوَ الْفَتَى كَرَمًا وَجُودًا
وَبَأْسًا حَيْنَ تَنْسَكِبُ الدِّمَاءُ
إذَا هَابَ الْكُمَاةُ الْمَوْتَ حَتَّى
كَأَنَّ قُلُوبَ أَكْثَرِهِمْ هَوَاءُ
مَضَى قُدُمًا بِذِي رُبَدٍ خَشِيبٍ
عَلَيْهِ حَيْنَ تُبْصِرهُ الْبَهَاءُ
جاء برقم 764: أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ابنة عم رسول الله (ص).
... حدثني عبد الله بن سليمان المدني وأبو بكر الهذلي أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت على معاوية، وهي عجوز كبيرة، فلما رآها قال: مرحباً بك وأهلاً يا خالة، فكيف كنت بعدنا؟ فقالت: يا ابن أخي، لقد كفرْتَ يدَ النعمة وأسأت لابن عمك الصُّحبة، وتسمَّيت بغيرِ اسمك، وأخذتَ غيرَ حقّك، مِن غير دِينٍ كان منك ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام، بعد أن كفرتم برسول الله (ص)، فأتعس الله منكم الجدود، وأضرع منكم الخدود، وردَّ الحقَّ إلى أهله، ولو كره المشركون، وكانت كلمتُنا هي العليا، ونبيُّنا (ص) هو المنصور، فوُلِّيتم علينا من بعده، وتحتجّون بقرابتكم من رسول الله (ص) ونحن أقرب إليه منكم، وأولى بهذا الأمر، فكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان عليٌّ رحمه الله بعد نبينا (ص) بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنة وغايتكم النار. واحتدم الكلام بينها وبين مروان وعمرو بن العاص ثم التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما جرّأ عليّ هؤلاء
غيرُك، فإنّ أمّك القائلة في قتل حمزة:
نَحْنُ جَزَيْنَاكُمْ بِيَوْمِ بَدْرٍ
وَالْحَرْبُ بَعْدَ الْحَرْبِ ذَاتِ سُعْرِ
مَا كَانَ عَنْ عُتْبَةَ لِي مِنْ صَبْرِ
فَشُكْرُ وَحْشِيٍّ عَلَيَّ عُمْرِي
فأجابتها بنت عمي (هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب) وهي تقول:
خَزِيتِ فِي بَدْرٍ وَبَعْدَ بَدْرٍ
يا ابنَةَ جَبّارٍ عَظيمِ الكُفرِ
فقال معاوية: عفا الله عما سلف يا خالة، هات حاجتك، قالت: ما لي إليك حاجة وخرجت عنه.
تزوجها حبان بن منقذ الأنصاري فولدت له ولداً (واسمه واسع).
ولها بنت يقال لها (أم يحيى).