من أعيان الشيعة : والد الشريفين المرتضى والرضي

النقيب أبو أحمد الحسين بن موسى الأصغر يعرف بالأبرش ابن محمد الأعرج بن موسى أبي سبحة بن إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم ... والد الشريفين المرتضى والرضي.
ولد سنة 304 هـ.
وتوفي ليلة السبت لخمس ليال بقين من جمادى الأولى سنة 400 هـ عن 97 سنة.
دفن قريبا من قبر الحسين (ع).
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة: كان جليل القدر، عظيم المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه، ولُقّب بالطاهر ذي المناقب... وولي نقابة الطالبيين خمس دفعات ومات وهو متقلدها بعد أن حالفته الأمراض وذهب بصره. وهو الذي كان السفير بين الخلفاء وبين الملوك من بني بويه والأمراء من بني حمدان وغيرهم، وكان مبارك الغُرّة (الطلعة)، ميمون النقيبة، مهيباً نبيلاً، ما شرَع في إصلاح أمر فاسد إلا وصلح على يديه، وانتظم بحُسن سفارته وبركة همّته وحُسن تدبيره ووساطته.
وقد سافر عدة سفرات كان فيها الصلح على يديه.
اعتقله عضد الدولة البويهي في القلعة بشيراز، لميله أو خوفاً من ميله لغيره من بني بويه، وصادر أملاكه، وبقي محبوساً إلى أن مات الملك فأُطلق.
وقال جمال الدين الحسيني في كتابه (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب) : هو النقيب الطاهر ذو المناقب، كان نقيب نقباء الطالبيين ببغداد. قال الشيخ أبو الحسن العمري: هو أجلّ مَن وضع على رأسه الطيلسان، وجرّ خلفه رمحاً، وأجلّ من جمع بينهما... ولاه بهاء الدولة قضاء القضاة، مضافاً إلى النقابة، فلم يمكّنه القادر بالله، وحجّ بالناس مرات أميرا على الموسم، وعُزل عن النقابة مراراً، ثم أعيد إليها... وكان فيه مواساة لأهله.
وقال الحر العاملي في (أمل الآمل): السيد الجليل... عظيم الشأن في العلم والدنيا والدين، أثنى عليه أصحابُنا وغيرُهم من المحدّثين والمؤرخين.
تزوج الطاهر أبو أحمد فاطمة بنت الحسين... وهي التي جاءت بولديها المرتضى والرضي إلى الشيخ المفيد بمسجده وهما صغيران: وقالت: يا شيخ خذ ولدي هذين وعلمهما الفقه. وكان المفيد رأى في تلك الليلة أن فاطمة الزهراء دخلت عليه في مسجده ومعها الحسن والحسين وقالت يا شيخ خذ ولدي هذين وعلمهما الفقه، وذلك لأن أباهما كان يومئذ في حبس عضد الدولة بفارس، ولو كان موجوداً ببغداد لجاء هو بهما إلى المفيد، ولم تحتج أمهما أن تجئ بهما إليه، ولكنها برهنت عن عقل رزين وهمة عالية، فلم تهمل تعليم ولديها بسبب غيبة أبيهما، وقامت مقام الرجال، ففتح الله عليهما من أبواب العلم ما شاع وذاع.
رثاه ولداه المرتضى والرضي، ورثاه أبو العلاء المعري، ورثاه مهيار الديلمي وغيرهم.
أوْدَى فلَيتَ الحادِثاتِ كَفَافِ مالُ المُسيفِ وعنبرُ المُستافِ
الطّاهرُ الآباءِ والأبناءِ وال أثوابِ والآرابِ والأُلاّفِ
رغتِ الرُّعودُ وتلك هَدّةُ واجبٍ جبلٍ هَوَى في آلِ عَبد مَنافِ
بَخِلَتْ فلَمّا كانَ لَيلةُ فَقْدِه سَمَحَ الغَمامُ بدَمْعِهِ الذَّرّافِ
ويقالُ إنّ البَحرَ غاضَ وإنّها ستَعُودُ سِيفاً لُجّةُ الرَّجّافِ
ويحِقّ في رُزْءِ الحسين تغيّرُ ال حَرَسَينِ بَلْهَ الدُّرَّ في الأصْدافِ
... طارَ النّواعبُ يوْمَ فادَ نَواعياً فنَدَبْتَهُ لِمُوافِقٍ ومُنافِ
أسَفٌ أسَفّ بها وأُثْقِلَ نَهضُها بالحُزْنِ فهْيَ على الترابِ هَوافِ
ونَعيبُها كنحيبِها وحِدادُها أبداً سَوادُ قَوادمٍ وخَوَافِ
هلاّ استَعاضَ من السّريرِ جَوادَه وثّابَ كلّ قرارَةٍ ونِيافِ
هيهاتَ صادَمَ للمَنايا عسكَراً لا يَنْثَني بالكَرّ والإيجافِ
هَلاّ دَفَنتُمْ سَيفَه في قَبرِهِ معَهُ فذاكَ لَهُ خَليلٌ وافِ
إنْ زارَهُ المَوْتَى كساهُم في البِلى أكفانَ أبْلَجَ مُكْرِمِ الأضْيافِ
واللّهُ إنْ يَخْلَعْ علَيهِمْ حُلّةً يَبعَثْ إلَيْهِ بمِثْلِها أضْعافِ
.... والآنَ ألقَى المَجدُ أخمَصَ رِجله لم يَقْتَنِعْ جَزَعاً بمِشيَةِ حافِ
تَكبيرَتانِ حِيالَ قَبرِكَ للفَتى مَحْسُوبَتانِ بعُمْرَةٍ وطَوَافِ
لوْ تَقْدِرُ الخَيْلُ التي زايَلْتَها أنْحَتْ بأيديها على الأعرافِ
فارَقْتَ دهرَكَ ساخِطاً أفعالَهُ وَهْوَ الجَديرُ بِقلّةِ الإنْصافِ
وَلَقيتَ رَبّكَ فاستَرَدّ لك الهُدى ما نالَتِ الأيّامُ بالإتْلافِ
وسَقاكَ أموَاهَ الحَياةِ مُخَلَّداً وكساكَ شَرْخَ شَبابِكَ الأفْوَافِ
أبْقَيْتَ فينا كَوْكَبَينِ سناهما في الصّبحِ والظّلماءِ ليسَ بخافِ
مُتَأنّقَينِ وفي المَكارِمِ أرْتَعَا مُتَألَقَينِ بسُؤدَدٍ وعَفافِ
قَدَرَينِ في الإرْداء بل مَطَرَين في ال إجْداءِ بل قَمَرَينِ في الإسدافِ
رُزِقا العَلاءَ فأهْلُ نَجدٍ كُلّما نَطَقا الفَصاحَةَ مثلُ أهلِ دِيافِ