خطبة الجمعة 7 جمادى الآخرة 1444: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: في استقبال العام الجديد

- ونحن نستقبل عاماً جديداً، نسأل الله تعالى أن يكون عام خير للجميع، نتوقف قليلاً عند الدعاء السادس للإمام زين العابدين (ع) في الصحيفة السجادية والذي يتحدث فيه عن مسئوليتنا تجاه الزمن، والمعنون كالتالي: (وكان من دعائِهِ عند الصباح والمساء)، وذلك لمناسبة مضمون هذا الدعاء مع استقبالنا لوحدة زمنية جديدة تتمثل في العام الجديد.
- ولذا لعل من المناسب لكلٍّ منا أن يخصّص خمس دقائق اليوم أو غداً ويدعو بهذا الدعاء في استقبال العام. ولكن دعونا نتعرف -في البدء- على المحاور الرئيسة فيه.
- في المقطع الأول من الدعاء يستثير الإمام (ع) مشاعر الثناء والحمد للباري سبحانه على ما تفضّل به مِن تنوّعٍ في الوحدات الزمنية، بين الليل والنهار، وتعاقب الأيام، بما يتحقق للإنسان في كل مقطع زمني من مصالح خاصة قد لا تتحقق في المقطع الآخر.
- (فَخَلَقَ لَهُمُ اللَّيْـلَ لِيَسْكُنُوا فِيْهِ مِنْ حَرَكَاتِ التَّعَبِ، وَنَهَضَاتِ النَّصَبِ، وَجَعَلَهُ لِبَاساً لِيَلْبَسُوا مِنْ رَاحَتِهِ وَمَنَامِهِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ جَمَاماً وَقُوَّةً، وَلِيَنَالُوا بِهِ لَذَّةً وَشَهْوَةً. وَخَلَقَ لَهُمُ النَّهارَ مُبْصِراً لِيَبْتَغُوا فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَلِيَتَسَبَّبُوا إلَى رِزْقِهِ، وَيَسْرَحُوا فِي أَرْضِهِ، طَلَباً لِمَا فِيـهِ نَيْلُ الْعَاجِلِ مِنْ دُنْيَاهُمْ، وَدَرْكُ الآجِلِ فِيْ أُخْراهُمْ).
- على أنّ هذا الحمد لا يتوقّف عند حدّ القول والطلب، بل يؤكد الإمام (ع) في المحور الثاني من الدعاء على ترجمة مسئولية الإنسان تجاه هذه النعم الإلهية من خلال طاعة الله سبحانه والعمل بما يرضيه.
- ثم يُعرّج الإمام على التأكيد على أن الأمور كلَّها بيد الله، ولذا فهو يطلب منه المدد كي نكون كما يحب، وأن نبتعد عن مواقع المعصية التي يبغضها، ثم يقول: (اللَّهُمَّ يسِّرْ عَلَى الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ مَؤُونَتَنَا، وَامْلأ لَنَا مِنْ حَسَنَاتِنَا صَحَائِفَنَا وَلاَ تُخْزِنَا عِنْدَهُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِنَا).
- وأما عناوين الخير التي ركّز عليها وهو يسأل الله التوفيق لها فهي تتنوع بين تحمّل المسئولية الشرعية والاجتماعية: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَوَفِّقْنَا فِي يَوْمِنَا هذا ولَيْلَتِنَا هذِهِ وَفِي جَمِيعِ أيّامِنَا لاسْتِعْمَالِ الْخَيْرِ، وَهِجْـرَانِ الشَرِّ، وَشُكْـرِ النِّعَمِ، وَاتّبَـاعِ السُّنَنِ، وَمُجَانَبَةِ البِدَعِ، وَالأمْرِ بِـالْمَعْرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَحِياطَةِ الإسْلاَمِ، وَانْتِقَاصِ الْبَاطِلِ وَإذْلالِهِ، وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَإعْزَازِهِ، وَإرْشَادِ الضَّالِّ، وَمُعَاوَنَةِ الضَّعِيفِ وَإدْرَاكِ اللَّهِيْفِ).
- وفي خواتيم الدعاء، لا ينسى الإمام (ع) أن يؤكّد على ركيزتي الإيمان المتمثّلتين في توحيدِ الله تعالى، والإيمانِ برسالةِ نبيّه (ص)، ليُعقِب ذلك بالصلاة عليه بأجمل التعابير: (اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ أكْثَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَد مِنْ خَلْقِكَ، وَآتِهِ عَنَّا أَفْضَلَ مَا آتَيْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ، وَاجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ وَأكْرَمَ مَا جَزَيْتَ أَحَداً مِنْ أَنْبِيائِـكَ عَنْ أمَّتِهِ).