خطبة الجمعة 1 جمادى الأولى 1444: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: مَن كالعقيلة زينب؟!

- قال تعالى: (إِنَّ الأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً) [المعارج:19-20].
- هذا هو الوصف الجامع لحال الإنسان عندما تحل به المصيبة، ولك أن تطلق لخيالك العِنان لتضع التصور لحال الإنسان فيما لو تجمّعت عليه المصائب في آن واحد.
- ثم ادرس موقف الحوراء زينب بعد واقعة الطف، والمروي أنّ في هذا الأسبوع ذكرى مولدها ونبارك لكم ذلك، وذلك وفق المعطيات التالية:
1. أكثر من 70 رجلاً وامرأة وطفلاً يُقتَلون أمام ناظريها في سويعات قلائل، وهم من خيرة الناس، بل فيهم خير الناس في زمانه، وهو أخوها وسيد شباب أهل الجنة الحسين، وفيهم أبناؤها، وإخوانها، وأبناء أخيها، وأبناء عمومتها.
2. ما وقع من انتهاك لحرمة الأجساد المقطّعة بالصورة المنقولة تاريخياً.
3. ما وقع من انتهاك لحرمة النساء والأطفال المذعورين، بالسلب، والإهانة، والسبي.
4. نقل الأحياء -بشكل مهين- من بلد إلى آخر، وتعريفُهم بأنهم خوارج.
5. مصيرٌ مجهول في ظل وحشيّة وانعدام الدين والقيم عند الطرف الغالب ميدانياً.
6. غُربة في بلاد تبعد مئات الكيلومترات عن الوطن الأم، المدينة المنورة.
7. ضغط نفسي رهيب من خلال الإصرار على حمل رؤوس الشهداء أمام الموكب.
8. الدخول على صاحب السلطة في تجربة تمثّل النقيض لكل ما سلف من تجاربها في الحياة، فهي بنت نبي هذه الأمة وحاكمها، وعادة الناس احترام وتقدير الذرية، وهذا ما ينقل من صور التعامل حال حياة النبي، ثم هي ابنة خليفة المسلمين علي بن أبي طالب، ثم هي أخت الحسن الخليفة من بعد علي، ثم هي أخت الحسين بما له من شرف ومقام لا سيما في المدينة المنورة.. كل هذه المعطيات تمثل حالة على النقيض من حالة دخولها على ابن زياد، ومن ثم على يزيد.
- والآن قيّم الوضع بكل هذه التعقيدات والضغوطات، وقيّم مواقف السيدة زينب.. لو كان المبتلَى بهذا الموقف جبلاً لغدا متدكدكاً كالعهن المنفوش.. ولكنها زينب.. وما أدراك ما زينب!! عزةٌ، وكرامةٌ، وشموخٌ، وسدادُ رأي، وقوةُ حجة.. ولو كانت صاحبةُ هذا الابتلاء أيةَ امرأة أخرى لانهارت.. ولكنّها عِزةُ محمد، وشجاعةُ علي، وصبرُ فاطمة، هي التي تجلّت في عقيلة الهاشميين وهي تقف شامخة ترعد بكلماتها في وجه الطاغوت قائلة: (فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جَهدك، فو الله لا تمحو ذكرَنا، ولا تميت وحيَنا، ولا يرحضُ عنك عارُها، وهل رأيُك إلا فنَد، وأيامك إلا عدد، وجَمعك إلا بَدد، يوم ينادى
المنادي ألا لعنة الله على الظالمين)... هذه هي مدرسة العقيلةِ زينب حيث ندرس فيها الصبرَ والعزّةَ والشجاعةَ في الحق.
- السلام عليكِ يا بنتَ رسول الله، السلام عليكِ يا بنت أمير المؤمنين، السلام عليكِ يا بنت فاطمةَ الزهراء، السلام عليكِ يا أختَ الحسن والحسين، السلام عليكِ وعلى قلبِك الصبور، ولسانِك الشكور، ورحمة الله وبركاته.