خطبة الجمعة 20 صفر 1444: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الحبل المتين

- الصفة11: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) [الفرقان:73].
- بعد أن تحدثَت الآيات السابقة عن بعض صفات المشركين وغيرهم من المنحرفين عن صراط الله سبحانه وتعالى، وعرّضت بهم أيضاً من خلال نفي شهادة الزور من قبل عباد الرحمن الذين يترفّعون -أيضاً - على اللغو، عرّضت بهم أيضاً من خلال تمييز عباد الرحمن عنهم في هذا الأمر: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا).
- فأولئك القوم كانوا لا يتفاعلون إيجابياً مع التذكير بآيات الله، بل بشكل سلبي، فيكون حالُهم كحالِ الصمّ والعُميان في عدم الانتفاع بها، على خلاف عباد الرحمن الذين يتفاعلون معها أشدّ التفاعل.
- الخرور: السقوط والهويّ بحيث يكون وجه الإنسان على الأرض، واستعمل هنا كناية عن التهرّب والإعراض الشديد، وللدلالة على عدم حبهم لمشاهدة الشيء، ولا الاستماع إليه.
- وآياتُ الله قد تكون النصوص المنزَلة على الرسول، كآيات القرآن الكريم، وقد تكون سائر الدلائل على وحدانية الله من خلال التفكّر في خَلق الله وفي أنفسهم.
- أما عباد الرحمن، فإنهم يولون آيات الله -على تنوّعها- كلَّ اهتمامهم، فينكبّون عليها سَامعين مبصرين، ليفكّروا فيها، وليعملوا بها... إنهم يتعاملون مع مصادر المعرفة النافعة – وعلى رأسها كتاب الله المجيد- بطريقةٍ تبني لهم شخصيتهم على أساس العلم والإيمان، وليهتدوا بها إلى مواقع الهدى ومرضاة الله.
- وهو ما أكد عليه الإمام الرضا (ع) في قوله عن القرآن: (هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدي إلى الجنة، والمُنجِي من النار، لا يخلُق من الأزمنة) أي لا يؤثّر عليه مرور الزمان فيصبح بلا فائدة، بل يحافظ على أهميته وهدايته، فيكون صالحاً على الدوام (ولا يَغِثّ على الألسنة) أي لا يهزل مضمونه ويغدو بلا فائدة من كثرة تلاوته (لأنه لم يُجعَل لزمان دون زمان، بل جُعِل دليلَ البرهان، وحجةً على كل إنسان، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيمٍ حميد).
- من هنا، أدعو أصحاب المجالس الحسينية، بما في ذلك العائلية منها والصغيرة، وهي بالعشرات، إلى توظيف هذه المجالس أيضاً في العناية بالقرآن الكريم، تلاوةً وتعليماً وتدبّراً وحفظاً عن ظهر غيب، وللفئات المجتمعية المختلفة، سواء قبيل عقد المجلس الحسيني، أو في يوم آخر خلال الأسبوع، بحيث تُستثمر هذه المجالس في ما يعود على المجتمع بالخير والفائدة، وعلى أصحاب المجلس بالبركة والثواب الجزيل بإذن الله تعالى.