مقتطفات من سيرة أمير المؤمنين عليه السلام - عمار كاظم

(وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني الى صدره ويكنفني في فراشه ويمسني جسده ويشمني عرفه. وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه. وما وجد لي كذبة في قول ولا خطله في فعل. ولقد قرن الله به صلى الله عليه وآله وسلم من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره. ولقد كنت أتّبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه عَلماً، ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة. ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآلهىفقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا إنك لست بنبي ولكنك لوزير وإنك لعلى خير).
علي عليه السلام حظي بالإعداد الرسالي المخطط الذي خصه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به تهيئة له للنهوض بأعباء المرجعية الفكرية والسياسية في الأمة بعد رحيل قائدها رسول الله، هذا الإعداد الرسالي من لدن رسول الله لعلي كان منذ نعومة أظفاره فهو ربيبه الذي فتح عينيه في حجره وهيأ له من فرص التفاعل معه وسلوك نهجه في الحياة.
علي عليه السلام الصراط المستقيم الذي تستلهم الأمة منه العلم الإلهي ومعارف التشريع بعد رسول الله الذي قال فيه: (علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي. حبه إيمان وبغضه نفاق). وقال صلى الله عليه وآله وسلم (ستكون من بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، إنه أول من يراني وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو مني في السماء العليا وهو الفاروق بين الحق والباطل).
علي عليه السلام يتعهد أمر الصلاة ويتضرع الى الله تعالى (آه من نار تنضج الأكباد الكلى، آه من نار نزاعة للشوى، آه من لهبات لظى). عليه عليه السلام كان الزهد معلما بارزا من معالم شخصيته المباركة، وسمة مميزة زينه الله تعالى به فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب منها هي زينة الأبرار عند الله: الزهد في الدنيا، فجعلك لا ترزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منك شيئاً، ووهبك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعاً ويرضون بك إماماً).