مسؤولية الأئمة في مقابل الحركات الهدّامة للدين - الشيخ حسين الراضي ـ بتصرف

واجه خلفاء الأنبياء والرسل وورثتهم صعوبات وعقبات كؤودة في المحافظة على الدين، وفي طليعة هذه الصعوبات حركات ثلاث وهي كما يلي:
حركة الغلاة الذين تصدوا إلى تحريف الدين.
حركة مدعي الدين زوراً وبهتانا وكذباً.
حركة الجاهلين.
هذه الحركات الثلاث أثقلت كاهل الأئمة عليهم السلام والدعاة إلى الله في أي حقبة زمنية وأخذت الجهد الكبير من العلماء الأعلام في تصديهم لهؤلاء، ويبدو أن هذه الحركات بدأت من زمان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وطيلة فترة الأئمة واستمرت إلى يومنا هذا، ويتراءى لي أن هذه الحركات الهدامة نشطت في زمان الإمام الصادق عليه السلام وما بعده، وها هو النص الآتي يحدثنا عن هذه الحركات؛ فعَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الإمام الصادق عليه السلام قَالَ: (... فَانْظُرُوا عِلْمَكُمْ هَذَا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ، فَإِنَّ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي كُلِّ خَلَفٍ عُدُولًا يَنْفُونَ عَنْهُ: تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ). هذه الحركات الثلاث التي واجهها أئمتنا عليهم السلام بكل حزم وقوة ولم تأخذهم في الله لومة لائم قد حاربوها وكشفوا مخططاتها وأفكارها وأنشطتها التي تقوم بها وحذّروا عموم المسلمين منها وبالأخص شيعتهم والموالين لهم ولقد وصلنا الكثير من تلك النصوص.
الغلو في الدين سرطان العصر:
يتصور بعضهم أن التشدد في الدين والغلو فيه يمثل أعلى درجات الإيمان بالله والقرب إليه وهذا خطأ فادح وجهل بالدين وشريعة سيد المرسلين، بينما الغلو في الدِّين وانتشاره بين الأمة يمثل المرض السرطاني فيها ويفتك بها من حيث تشعر أو لا تشعر  فهو من أبرز عوامل القضاء على الدِّين قبل القضاء على الأمة، فعن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: (إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين).. إن أي دين من الأديان لا بد له من مراقب ومحافظ على ما جاء به حتى لا يدخل فيه ما هو خارج عنه أو يخرج منه ما هو منه؛ في وجود الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله هو المحافظ الأول عليه، وبعد رحيله إلى الملكوت الأعلى جاء من بعده الأئمة الهداة المهديون الميامين وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام.
إن من يتحمل المسؤولية بعد الأنبياء والرسل والأئمة هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء في حمل الرسالة (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) الأحزاب:39. ويحافظون عليها من التحريف والتبديل والزيادة والنقيصة وصد من يريد إدخال ما ليس من الدين فيه فإن أعداء الله كان شغلهم الشاغل هو التحريف والتزوير. وإذا ظهرت البدع فحتى لا تتحول إلى جزء من الدين فلا بد للعالم من إظهار علمه وإلا سوف يكون مؤاخَذاً على تركه لمسؤوليته ومهماته وحينئذ يكون مطروداً من رحمة الله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: (إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدْعَةُ فِي أُمَّتِي فَلْيُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلْمَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ)، فأما من يداهن أو يخاف التشهير به أو تسقيطه من قبل بعض الجهلة فإنه إذا نجى منهم فلن ينجو من المساءلة أمام الله.