البرنامج الأمثل لإدارة الدولة وقيادة المجتمع (29) ـ حسين الشامي

قال أمير المؤمنين عليه السلام: (وَلْيَكُنْ آثَرُ رُؤوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ، وَأَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِبِمَا يَسَعُهُمْ يَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِيهِم، حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ، فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ).
رؤوس الجند هم الضباط والمراتب الذين يتولون قيادة الألوية والفرق والأفواج، وهم حلقة الوصل بين قطاعات الجيش وبين القائد العام للقوات المسلحة. ولا بّد من أن يكونوا على مستوى عالٍ من الشعور بالمسؤولية الأخلاقية، وأن يتم اختيارهم حسب الشروط والمواصفات المطلوبة في القائد العسكري المنضبط المسؤول.
ويؤكد الإمام عليه السلام على هذه المواصفات ومنها:
- المواساة للجند ومساعدتهم، وعدم التكبر عليهم والترفع عنهم، فإنهم جنوده، ومعه في ساحة المعركة، فبهم يخوض الحرب، وبهم يحقق الانتصار، فيجب الاهتمام بشؤونهم المادية والمعنوية.
- تقديم المساعدات المالية والمنح والهدايا لغرض رفع المستوى المعيشي لهم ولذويهم الذين خلفوهم وراءهم من أجل خدمة الدين والدفاع عن الوطن وبناء مؤسساته العلمية والاجتماعية.
فإذا أحس الجند أنهم في كفالة، وأن أهلهم في رعاية الدولة، فإنهم يشعرون بالاستقرار النفسي وعدم القلق على أهليهم، فيخلصون في واجبهم، ويندفعون بقوة لأداء مسؤولياتهم الجهادية في صف واحد وإرادة واحدة، لأن جهاد العدو أصبح الهدف الذي يجمعهم والشعار الذي يوحدهم، وهو الهم الذي يحملونه في قلوبهم.
وينتهي كلام الإمام عليه السلام في هذا المقطع إلى معادلة دقيقة المعنى وكبيرة المضمون، وهي أن عطف القائد على جنده يوجب عطفهم عليه وإخلاصهم له، وبذلك تتحقق القوة التي بها يكون النصر بإرادة الله تعالى.