خطبة الجمعة 10 ذوالقعدة 1443: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: ما مصيرها ؟


- عن الرضا (ع) أنه قال: (حرّم الله عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التّوفيق لطاعة الله عزّ وجلّ) فقد أمر الله بالإحسان إليهما، ومخالفة ذلك خروج من طاعة الله، وطاعة الله توفيق للدنيا والآخرة (والتّوقير للوالدين) وهو تصرف أخلاقي فطري (وتجنّب كفر النّعمة) والكفر بالنعمة يهدد بزوالها (وإبطال الشكر) فحقهما أن يُشكرا، وحق الله أن يُشكر على النعمة، والعقوق ضد الشكر في الحالتين (وما يدعو من ذلك إلى قلّة النّسل وانقطاعه) وكيف يحدث ذلك؟ (لما في العقوق من قلّة توقير الوالدين، والعرفان بحقّهما، وقطع الأرحام، والزّهد من الوالدين في الولد) أي عقوق أحد الأبناء قد يدفع الزوجين إلى الامتناع عن إنجاب المزيد بسبب تلك السلبيات (وترك التّربية بعلّة ترك الولد برّهما) ولترك التربية آثار مدمّرة على المجتمع ككل.
- الحديث عن بر الوالدين وصور العقوق حديث طويل ومتشعّب، ولذا أودّ أن أتوقّف عند مفردة واحدة فقط لها علاقة بوضع الأم بعد وفاة زوجها (الأب)، إذ يصر أحد أو بعض الأبناء على بيع
البيت فوراً، وأخذ كل واحد نصيبه، دون مراعاة لحساسية وضع الأم في مثل هذه الحالة.
- ويمكن تدارك هذا الوضع الحساس من قبل رب الأسرة قبل وفاته من خلال الاستفادة من حكم شرعي يُذكَر عادةً مع الوقف، وهو عنوان الحبس، ويجهله كثيرون.
- ففي الوقف يُخرِج الواقف العين من ملكه، فيُنتفع من نتاجه أو أرباحه أو العين نفسِها لعناوين محددة، كعنوان في سبيل الله، أو خصوص الفقراء، وغير ذلك. أما في الحبس فإن العين تبقى من ملكية الفرد، ولكنه يحبس منفعتها على أفراد أو جهات معينة، مع إمكانية تحديد المدة الزمنية.
- فمثلاً عند وفاة رب الأسرة، قد يترك وراءه زوجته، ولربما طفلاً معاقاً، أو بنات غير متزوجات، وهؤلاء بحاجة إلى السكن، وهو:
1. لا يريد أن يعرّضهم للحرج بفقدان المسكن المجاني.
2. كما لا يريد أن يحرم الورثة مطلقاً من نصيبهم من البيت من خلال الوقف.
3. وقد يخاف من إصرار بعض الورثة الآخرين على بيع هذا البيت وتقسيم التركة فيما بينهم.
- ولذا يمكن لرب الأسرة أن يحبس البيت إلى وفاة زوجته مثلاً، أو زواج كل البنات أو استغنائهن عن هذا البيت، أو استغناء المعاق عنه، وبذا يبقى البيت ملكاً لرب الأسرة، وينتفع منه هو وأفراد أسرته، ولا يمكن للورثة بعد وفاته أن يبيعوا البيت إلا بعد انتفاء الحاجة إليه بالصورة المذكورة.
- مع ملاحظة أن هذا الأمر بحاجة إلى توثيق بصورة شرعية وقانونية سليمة درءً لأي إشكالات أو سوء فهم قد يحدث مستقبلاً، كما حدث في عديد من الوصايا التي أراد أصحابها أن يفعلوا خيراً، فإذا بها تتحوّل إلى سبب لخلق أزمات وصراعات بين أفراد الأسرة.