البرنامج الأمثل لإدارة الدولة وقيادة المجتمع (27) - السيد حسين بركة الشامي

قال أمير المؤمنين عليه السلام: (ثُمَّ الْصَقْ بَذَوِي الْمُرُوءَاتِ وَالاَْحْسَابِ، وَأَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ، وَالسَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ، ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ، وَالسَّخَاءِ وَالسَّماحَةِ، فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ، وَشُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ).
بعد أن عرفنا قيمة القوة العسكرية ودورها في حفظ البلاد والعباد من الفوضى والفساد، يشرع الإمام عليه السلام في ذكر النماذج التي يجب أن يعتمد عليها الحاكم في إدارة بلاده، والعناصر المقربة لتنفيذ مشاريعة وقراراته، فهؤلاء يجب أن يكونوا من ذوي الأصالة والشرف والمروءات والأحساب الكريمة والبيوتات الصالحة والتاريخ المشرف والسوابق الحسنة في الجهاد والتضحية والعطاء.
وأن يعتمد على هؤلاء في أداء المسؤوليات الكبيرة والتصدي للخدمات العامة، لأن هؤلاء يمتلكون عناصر قوة الشخصية والضمانات التي تمنعهم من التدني إلى مواقع الرذيلة أو خيانة الأمانة، أو التكبر على الناس، وقد أثبتت تجارب التاريخ أن الشخصيات التي تستند إلى هذه الصفات الحسنة والخلال الحميدة وتتميز بهذه الخصائص النبيلة يمنعها شرفها وتاريخها العريق ونسبها الأصيل من الوقوع في الانحرافات والمحرمات ورذائل أو تتلوث بالفساد المالي والإداري.
فوجود هؤلاء على رأس أجهزة الدولة يكون عاملاً مهماً من عوامل نجاح الحكومة، وإمكانية تقدمها وتطورها، وتطبيق برنامجها الثقافي والسياسي والاجتماعي على أحسن وجه، ويندرج في هذا السياق أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة.
وعلى هذا الأساس، فإن هؤلاء الموظفين الشرفاء لا يخونون الأمانة، ولا ينقضون الكلمة، ولا ينكصون عند الوثبة، ولا يتراجعون عند المواقف الصعبة، وإنما يواصلون مسيرتهم بإرادة صلبة، وعزيمة لا تلين، وما أروع كلام الإمام عليه السلام حيث يقول: (فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ، وَشُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ) فكأن الشرفاء هم عصارة الكرم والمعروف، بل إن صفاتهم وسماتهم هي مجموع هذه الصفات الحميدة والخلال الشريفة.