أستاذ العلماء ـ مقال للحاج عمار كاظم

علي بن الحسين زين العابدين الإمام الرابع من سلسلة أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً الذين اختارهم الله تعالى من صلب سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من الحسين مطهرون معصومون). وفي ينابيع المودة للقندوزي: (روي عن الإمام الحسين عليه السلام أنه قال: دخلت على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأجلسني على فخذه وقال لي: إن الله اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء). وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة: (زين العابدين هو الذي خلف أباه علماً وزهداً وعبادة).
في سيرة الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام الكثير من العلوم في شتى المعارف من التاريخ والتفسير والفقه بالإضافة إلى التراث الرائع في دعائه عليه السلام، فقد روى عنه الإمام مالك: (سمي زين العابدين ولا أفقه منه)، وعده الشافعي: (أفقه أهل المدينة) وكان القراء لا يخرجون إلى مكة إلا إذا خرج معهم الإمام زين العابدين عليه السلام. كان يجتمع عنده الكثير ليستفيدوا من علمه علماً ومن خشيته لله خشية ومن ورعه روعاً، فعن سنان بن عيينة قال: (قلت للزهري لقيت علي بن الحسين؟ قال: نعم لقيته وما لقيت أحداً أفضل منه، والله ما علمت له صديقاً في السر ولا عدواً في العلانية. فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: لأني لم أر أحداً وإن كان يحبه إلا وهو لشدة معرفته بفضله يحسده، ولا رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلا وهو لشدة مداراته له يداريه).
كان عليه السلام يتواصل مع الفقراء، فعن أبي جعفر عليه السلام قال: (إنه كان يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب على ظهره حتى يأتي باباً فيقرعه ثم يناول من كان يخرج إليه، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيراً لئلا يعرفه). واهتم عليه السلام اهتماماً بالغاً بالأمة بعد استشهاد أبيه الحسين عليه السلام، فكان أباً رحيماً رؤوفاً بهم وقائداً حكيماً حريصاً، اتخذ من المسجد النبوي الشريف منطلقاً لنشر الفكر الإسلامي السليم والفقه الصحيح.