خطبة الجمعة 21 رمضان 1443: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الليلة المباركة


- (إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان:3-4].
- ليلة القدر هي الليلة التي يفيض فيها الخير من الله على عباده: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر:4-5].. وهذا معنى البركة.
- وهي الليلة التي تحوز على ذلك القدر من الأهمية بحيث أن الله جعلها ليلة القرارات الحاسمة.
- إذا حصلت في يوم ما على مبلغ كبير من المال، يوازي ما تحصل عليه في سنوات، ألن تعتبر أن ذلك اليوم خيراً لك من سنوات وسنوات؟!
- كذلك هي ليلة القدر تفيض من عطاءاتها وبركاتها ما يساوي عمراً مديداً: أكثر من ثلاث وثمانين سنة، وبتعبير أبلغ: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر:3].
- ولا يستطيع أحد أن يضمن أن يعيش كل هذا العمر.. فالموت يأتي فجأة.. وقد يكون العمر أقصر من ذلك بكثير.. ولكن بيدنا أن نجعل من سويعات محدودة امتداداً مباركاً بقدر ذلك العمر الطويل، وكأننا نعيش في تلك الليلة حياة كاملة جديدة.
- فلو قدّر الله تعالى لأحدنا أن يعيش سبعين سنة، فإن إحياءه ليلة القدر بالصورة التي يحبها الله، ستضيف إلى هذه السبعين أكثر من ثمانين سنة من العمل الصالح.
- ولو كررت ذلك في السنة المقبلة أضفت ألف شهر أخرى من العمل الصالح إلى عمرك، وهكذا... فأية عظمة هذه؟! وأي زمن مبارك هذا؟
- كثيرون هم الذين يتمنّون أن يطيل الله أعمارهم.. وكثيرون هم الذين يدعون للآخرين بأن يطيل الله أعمارهم.. ولكن طول العمر لا معنى له، بل قد يكون وبالاً على الإنسان كما قال سبحانه: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)[آل عمران:178] إلا أن يكون عمراً في نفس الاتجاه الذي رسمه الله لعباده كما قال الإمام زين العابدين عليه السلام: (واستفرِغ أيّامي فيما خلقتني له... وعمِّرني ما كان عمري بذلة في طاعتك)، هذا هو المهم، وإلا فالعمر المبذول في المعاصي هو مقدمة العذاب بالنسبة إلى الإنسان. اللهم اجعلنا من أوفر عبادك نصيباً في كل خير أنزلته وتنزله في شهر رمضان وفي ليلة القدر يارب العالمين.