بين الربا واستثمار المال في التجارة - الشيخ علي حسن


- (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة:275-276].
- الربا قسمان، ربا المعاملة، كأن يبيع 5 جم من الذهب في مقابل ثلاثة جرامات ذهب، وربا القرض بأن يقرض أحدٌ غيره مع اشتراط ما يعود بالنفع عليه أو على غيره... كأن تقرضه ألف دينار بشرط أن يعيد إليك 1200 دينار بعد سنة... وكلامنا عن الثاني.
- هناك معاملة متعارف عليها في السوق، وهي أن يأخذ مستثمرٌ منك مبلغاً من المال، على أن يعطيك شهرياً أو سنوياً مبلغاً محدداً. تعطيه مثلاً 10 آلاف دينار لمدة خمس سنوات، فيعطيك شهرياً 50 ديناراً، أو 600 سنوياً، أو ما نسبته 5% من المبلغ الذي تعطيه... فما حكم ذلك؟
- لجعل هكذا معاملة مشروعة لابد من أن يتعامل معها على أساس عقد المضاربة، لا الإقراض.
- وهذا يعني أن تدفع مالاً إلى شخص ليتجر فيه، على أن يكون الربح بينكما بالنصف أو ثلث أو نحو ذلك. كأن تعطي لهذا الشخص 10 آلاف دينار على أن يكون لك 50% من صافي الربح في نهاية السنة، فإذا كان الربح ألفي دينار، فلك ألف دينار.. وفي السنة اللاحقة إذا كان الربح 1500 دينار، كان لك 750، وهكذا.
- في عقد المضاربة، يستطيع المموِّل أن يشترط على الطرف الآخر أن يتدارك الخسارة في رأس المال فيما لو وقعت بأن يعوّضها من ماله الخاص، فكأنه يضمن لك رأس المال.
- كما يمكن للمموِّل أن يجعل نسبة الربح ثابتة من خلال اشتراطه على الطرف الآخر تكميل المبلغ من ماله الخاص حتى تصل إلى النسبة المتفق عليها فيما لو كانت نسبة الربح أقل منه.
- ولنلاحظ ما جاء في جواب استفتاء بهذا الخصوص:
السيستاني: يجوز أن يتعامل المودع والتاجر على أساس نسبة من الربح، لا نسبة من رأس المال، وهذه هي المضاربة. ولكي يضمن الربح المذكور يمكنه اشتراط الأمور التالية ضمن العقد:
١ـ أن يتعهّد التاجر بتكميل المبلغ إلى المقدار المطلوب وهو ٨% مثلاً من رأس المال من ماله إذا كانت نسبة الربح أقل منه.
2ـ أن يتعهّد التاجر بأن يدفع للمودع من ماله الخاص مقدار ما أخذ منه للمضاربة إذا خسر المبلغ أو تلف كلّاً أو بعضاً.
س: اتفقتُ مع صديق تاجر على أن أعطيه مبلغ ثلاثة آلاف دينار، شرط أن يعيد إلي المبلغ على أقساط شهرية ولمدة سنة، مع زيادة في الأرباح كل شهر على المبلغ حسب الشرط المستوفى بيننا بالعقد، فهل تعتبر هذه الزيادة المشروطة من الربا؟
فضل الله: هذا قرض ربوي غير جائز. لكن يصح عقد القرض ويبطل اشتراط الفائدة. ولكي لا يكون العقد ربوياً، لابد من ذكر نسبة مئوية للربح مبلغاً مقطوعاً يدفعه العامل من أصل ربحه كل شهر، ولتصحيح عقد المضاربة لابد من أن يقع على النحو التالي: تقول له اتجر بهذا المال على أن يكون لي نسبة من الأرباح مقدارها 30% مثلاً، على أن تعطيني هذه الأرباح مقسطة شهرياً بمقدار مائة دينار، وبشرط أن تضمن لي خسارة رأس المال هذا من مالك الخاص، ثم بعد انتهاء مدة العقد وانحلال المضاربة بينكما، يسامح كل منكما الآخر فيما له مما يكون قد زاد أو نقص عن نسبة 30% من ربح على رأس المال المشترك، أو يتسامحان فيما لكل منهما على الآخر.