البرنامج الأمثل لإدارة الدولة وقيادة المجتمع (14) ـ السيد حسين بركة الشامي

[وَالْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَالصِّدْق، ثُمَّ رُضْهُمْ(1) عَلَى أَلاَّ يُطْرُوكَ وَلاَ يُبَجِّحُوكَ (2) بِبَاطِل لَمْ تَفْعَلْهُ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الإطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْو، وَتُدْنِي مِنَ الْعِزَّةِ].
رضهم: أي عوّدهم ، ودربهم على عدم المدح والاطراء .
يبجحوك : أي ينسبون لك أعمالاً وانجازات لم تفعلها أنت لمجرد إدخال السرور والبهجة عليك، وهو عمل قبيح.
إن خير الحكام والرؤساء الذين يختارون في دوائر أعمالهم ومواقع مسؤولياتهم العناصر الصالحة والصادقة والكفوءة والملتزمة بأحكام الشرع والقانون، ويضعونهم في مواقع متقدمة وحساسة من مواقع الإدارة والمسؤولية.
ولا شك أن الأمة وأبناء المجتمع حينما يجدون جماعة الحاكم والمسؤول، والمقربين لديه من ذوي الصدق، والصفات الحسنة والسجايا الحميدة والكفاءة العالية فإنهم يلتصقون به ويلتفون حوله، ويكونون أكثر طاعة له، وأشد التزاماً بأوامره وتعليماته ومواقفه. روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار).
فعلى الحاكم والمسؤول أن يركن في علاقاته ومسؤولياته إلى أهل الدين والورع والصدق، الذين يخشون الله فيما يقولون ويفعلون، وأن يلازم مجالستهم ومشاورتهم، وذلك لخطورة الموقع الذي يحتله، وحساسية الأعمال والمشاريع التي يقوم بها، فإذا أحاط نفسه بمجموعة من ذوي الكذب والنفاق والتزوير فإنه لا يستطيع أن ينجز أعماله بدقة وبصورة صحيحة، ولا يمكن أن يؤدي مهامه بنجاح وكفاءة.
كما أن على الحاكم الذي يتصدى للشؤون العامة أن يمنع أصحابه والمقربين إليه من الإفراط بمدحه بمناسبة وبدون مناسبة، وأما الإطراء الكاذب والتبجح بإنجاز المشاريع المزيفة، فإنه من أشد القبائح في مسيرة الحاكم والمسؤول حيث ينسبون إليه أعمالاً ومشاريع لم يقم بها، وليس له علاقة بإنجازها، لأن ذلك يوجب انتفاخ الشخصية ويؤدي إلى التورم والغرور والعجب، وهي أمراض خطيرة تقرب نهاية الحاكم، وتمزق الحكم والإدارة، واختلال الموازين، وبالتالي ضياع المؤسسة، وانهيار الدولة.