حكم الموت الدماغي من ناحية شرعية - الشيخ علي حسن

- بقي الموت منذ الأزل وحتّى اليوم اللغز المحير عند الإنسان.
- وحاول الإنسان كثيراً أن يتوصل إلى الخلود أو إطالة العمر.
- كما سعى أن يكون موته هادئاً مريحاً.
- وقد استطاع الطب الحديث أن يحافظ على الحياة الاصطناعية لبعض الحالات المرضية ومن بينها حالة موت الدماغ.
- ومع ارتفاع نفقات العلاج الطبي، ومحدودية إمكانات العلاج السريري لهذه الحالات، ولأسباب أخرى، فإن موضوع اتخاذ قرار بإيقاف الأجهزة عن العمل في حالة الموت الدماغي مما يعني توقف الأعضاء عن العمل، بما في ذلك القلب، أثار جدلاً عنيفاً بين الأوساط الطبية والقانونية والأخلاقية والدينية.
- ولتعريف الحياة والموت الدور الأساس في الموضوع، فما هي الحياة؟ وما تعريف القتل والموت؟ وأي نوع من الحياة لها قدسية؟ وإذا كان هناك ما يسمى بالموت الرحيم فما هو؟ من هو الشخص الذي يستطيع أخذ مثل هذه القرارات المصيرية؟ أهو المريض الذي يعاني؟ أم الطبيب بما أوتي من معرفة طبيّة واسعة ونال ثقة المريض؟ أم الأقارب الذين ضاقوا ذرعاً من حالة مريضهم وما يعانيه؟ أم الحاكم الشرعي؟ أم كلّهم جميعا؟
- نحن لا نتكلم هنا عن الموت (القتل) الرحيم الذي قد يختاره مريض بمرض عضال ويقسم إلى ثلاثة أصناف: الطوعي (أي بموافقة المريض) – غير الطوعي (بغير موافقة المريض كالمصاب بالغيبوبة) – القسري (ضد إرادة المريض).
- وللجدل الفقهي الدائر حول حكم الإنسان الذي يصطلح على وصفه طبياً بـ (الميت دماغياً) الدور الأهم في المسألة من ناحية شرعية.
- فتوى المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورتيه الثامنة والتاسعة 1407هـ، أجازت رفع الأجهزة عن المتوفى دماغياً، وأقرت (أن ثبوت حالة الوفاة الدماغية يعتبر شرعاً أن الشخص قد مات وتترتب عن ذلك جميع الأحكام المقررة شرعاً، وفي هذه الحالة يجوز رفع جهاز التنفس الصناعي وإن كانت بعض الأعضاء كالقلب مثلاً لا تزال تعمل آلياً بفعل الجهاز).
- يُعرّف الموت الدماغي بأنه الفقدان الكامل لوظائف الدماغ بحيث يتعذر علاجه (بما يتضمن النشاطات اللاإرادية اللازمة للحياة كعمل القلب)، وهو حالة مختلفة عن الغيبوبة المتواصلة التي يعد الإنسان فيها على قيد الحياة.
- المكتبة الوطنية الأمريكية للطب عرفت الموت الدماغي بما يتضمن تلف الجذع الدماغي أيضاً.
- عند تلف المخ مع سلامة الجذع يمكن أن يستمر نبض القلب والتهوية في الجهاز التنفسي دون مساعدة أي نشاط لاإرادي، بينما في حالة الموت الدماغي الكامل أي تلف الجذع أيضاً لا يمكن استمرار هذه الوظائف دون الاستعانة بأجهزة للمحافظة على الحياة.
- فتوى هيئة كبار العلماء في السعودية 1417هـ، نصت على: (عدم جواز الحكم بموت الإنسان، الموت الذي تترتب عليه أحكامه الشرعية، بمجرد تقرير الأطباء أنه مات دماغياً، حتى يُعلم أنه مات موتاً لا شبهة فيه، تتوقف معه حركة القلب والنفس مع ظهور الإمارات الأخرى الدالة على موته يقيناً، لأن الأصل حياته فلا يعدل عنه إلا بيقين).
- س: إذا كان المريض ميتاً دماغياً، فهل يجوز رفع الأجهزة عنه؟
المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: مع التأكد من حصول الموت الدماغي وعدم إمكانية الحياة لولا هذه الآلات، يجوز رفعها ولا يجب إبقاؤها.
- وقال: بعد توقّف الدّماغ وموته، واستمرار حركة القلب بالآلة، يجوز نزع هذه الآلة إن كانت موضوعة، كما أنّه لا يجب وضعها أساساً رغبةً في استمرار الحياة، وذلك لأنَّ المريض لا يعتبر حيّاً بشكلٍ طبيعيّ، ما دامت الحركة الموجودة مستمرّةً بفعل الجهاز الّذي يمنح القلب حياةً اصطناعيّة، وحتى لو صدق عليه عنوان الحياة، فلا يعتبر رفع الجهاز قتلاً، لأنَّ مفهوم القتل لا يشمل مثل هذا. وعلى ضوء ذلك، فلا يجب وضع الجهاز في الفرض المذكور، لأنَّ ما دلّ على وجوب حفظ الحياة، لا يشمل مثل هذا المورد.
- وقال: تحرَّك القلب بواسطة الجهاز الاصطناعي الّذي يعطي للخليَّة حياةً ويمنعها من الموت الطّبيعيّ الّذي سيحصل حتماً عند موت الدّماغ، فإنَّ ذلك لا يعدّ حياة طبيعيّة، بل هي حياة اصطناعيّة، ولا أثر لها.
السؤال: يذهب البعض الى أن موت الدماغ يعني موت الإنسان، حتى لو لم يتوقف النبض في الحال لأنه سيتوقف بعد ذلك حتماً، كما يقول الأطباء، فهل يعتبر ميتاً عندئذٍ؟
السيستاني: العبرة في صدق عنوان (الميت) الموضوع لعدد من الأحكام الشرعية، إنما هو بالنظر العرفي، بأن يراه أهل العرف ميتاً، وهو غير متحقق في مفروض السؤال.
س: ما حكم نزع الأجهزة الطبية عن المريض (الذي حكم عليه الأطباء أنه ميت دماغياً) لتركه ليموت؟ (المتوفي دماغياً وليس من دخل بغيبوبة)؟
المرجع الديني السيد علي السيستاني: لا يجوز، وهو بحكم القتل العمدي.
وقال في المسائل المنتخبة م61: المقصود بالميت في الموارد المتقدمة هو من توقفت رئتاه وقلبه عن العمل توقفاً نهائياً لا رجعة فيه وأما الميت دماغياً مع استمرار رئتيه وقلبه في وظائفهما، وإن كان ذلك عن طريق تركيب أجهزة الانعاش الصناعية فلا يُعدُّ ميّتا، ويحرم قطع عضو منه لإلحاقه ببدن الحي مطلقاً.
- الخامنئي: إذا كان موصولاً بجهازٍ، بحيث إنَّ فصل الجهاز عنه يؤدِّي إلى موته، فلا يجوز القيام بذلك"