خطبة الجمعة 8 ذوالقعدة 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: حديث سلسلة الذهب


- ذكر المناوي الشافعي (ت1031 هـ) في كتابه (فيض القدير) تحت عنوان (فائدة): (في تاريخ نيسابور للحاكم) النيسابوري الشافعي صاحب المستدرك على الصحيحين (ت405هـ) (أن علياً الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين لما دخل نيسابور) وذلك في طريقه إلى مرو (كان في قبة مستورة) كالهودج (على بغلة شهباء) عندما يخالط بعض الشعر الأبيض لوناً آخر (وقد شقَّ بها السوق، فعرض له الإمامان الحافظان أبو زرعة الرازي وابن أسلم الطوسي) وكلاهما من أئمة الحديث في ذلك الزمان، أما الأول فاعتبر محدّث الري، وأما الثاني فقد لقبه الذهبي بشيخ المشرق (ومعهما من أهل العلم والحديث مَن لا يُحصى، فقالا: أيها السيد الجليل ابن السادة الأئمة بحقِّ آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلا ما أريتنا وجهَك الميمون ورويت لنا حديثاً عن آبائك عن جدِّك نَذكُرُك به؟ فاستوقف غلمانه وأمر بكشف المظلة وأقرَّ عيون الخلائق برؤية طلعته، فكانت له ذؤابتان متدليِّتان على عاتقه، والناس قيام على طبقاتهم ينظرون ما بين باك وصاخ ومتمرغ في التراب ومُقبِّلٍ لحافر بغلته. وعلا الضجيج فصاحت الأئمة الأعلام: معاشر الناس أنصتوا واسمعوا ما ينفعُكم، ولا تؤذونا بصراخكم. وكان المستملي أبو زرعة والطوسي. فقال الرضى: حدثنا أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه شهيد كربلاء عن أبيه على المرتضى قال: حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله (ص) قال: حدثني جبريل (ع) قال: حدثني ربُّ العزة سبحانه يقول: كلمة لا إله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمِن مِن عذابي. ثم أرخى الستر على القبة وسار. فعُدَّ أهلُ المحابر والدواوين الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفاً. وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري: اتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض أمراء السامانية) أسَّس السامانيون دولة فارسية سنية المذهب وامتدت 130 سنة تقريباً وشملت في أقصى اتساع لها كلاً من أفغانستان، وأجزاء واسعة من إيران، وطاجكستان، وتركمنستان، وأوزبكستان، وقيرغيزستان، وأجزاء من كازاخستان، وباكستان، واتخدوا سمرقند ثم بخارى عاصمة لهم (فكتبه بالذهب وأوصى أن يُدفن معه في قبره).
- كان هذا الخبر المعروف بحديث سلسلة الذهب، برواية أحد علماء المذهب الشافعي، ورواه أيضاً ابن الصباغ المكي وهو من علماء المذهب المالكي (ت855هـ) في كتابه (الفصول المهمة في معرفة الأئمة).
- وروى الخبر أيضاً سليمان بن خوجه القندوزي (ت1294هـ) وهو من علماء الأحناف، وذلك في كتابه (ينابيع المودة)، وقال: (قال أبو علي) ويبدو أنه عبدالرحمن بن يحيى بن خاقان (قال لي أحمد بن حنبل: إنْ قرأتَ هذا الإسنادَ على مجنون، بَرئ مِن جنونه) وهو للمبالغة في عِظمه.
- هذه مجرد نماذج مما رواه بعض علماء أهل السنة من المذاهب الأربعة حول ذلك المشهد المهيب الذي جمع الإمام علي بن موسى الرضا (ع) بعلماء ومحدّثي مدينة نيشابور حين مرّ بها، وكانت آنذاك إحدى المراكز العلمية المهمة في خراسان، ومدى حرصِهم على الحصول على شيء من العلم من لسان الإمام الرضا (ع) الذي علموا شأنه ومكانته، فخرج الآلاف منهم حاملين معهم الأقلام عسى أن يُتحِفَهم الإمام بكلمة يدوّنونها ويستفيدون منها.
- ويبدو أن الإمام أراد ضمنياً أن يرسل إليهم رسالة يبيّن فيها أنه قد وفد خراسان رغماً عنه، ولذا اقتصر على ذلك النص ولم يُطِل، وهو النص الذي على قِصرِه وبداهة مضمونه بالنسبة إلى المسلمين، إلا أننا نجد فيه ربطاً رائعاً بين الإيمان بتوحيد الله، والنبوة، والملائكة، واليوم الآخِر، وبين دور الأئمة من أهل البيت (ع) في حمل هذه الرسالة وحفظها.
- ولي وقفة أخرى في الخطبة الثانية مع دلالة من دلالات هذا الخبر.