خطبة الجمعة 16 شوال 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: هوّنوا الدين على الناس

- الحكمة 87 من نهج البلاغة يقول فيها أمير المؤمنين عليه السلام كما روي عنه: (الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللهِ، وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ اللهِ).
- بعض المتدينين يكرّهون الناس في الدين، وفي الالتزام، وفي الصلاة، وفي العلاقة مع الله.
- وهذا قد يكون في الأغلب ناتجاً عن جهل، وأحياناً عن عقد نفسية.
- أحياناً تردني أسئلة من أخوات أجنبيات أسلمن بعد الزواج، والتزمن الصلاة وغير ذلك، ولكن أجد من أسئلتهن المليئة بالحيرة والخوف والتململ والمتعلقة بتفاصيل أكثرها لا يمت للدين بصلة، ولكنّها تُغلّف بعناوين دينية ما يدفع إلى شكر الله أنهن ما زلن مسلمات.
- أسئلة وأفكار غريبة حول تحديد أيام تقليم الأظافر، والمنع من كنس المنزل ليلاً وأمثال ذلك.
- كل ذلك مع الاتهام بضعف الدين، والتخويف من العواقب الكارثية لعدم الالتزام بمقولاتهم.. وعند هؤلاء ما أسهل مقولة: أعيدي كل صلوات السنين الماضية وصيامك وحجتك!
- أنا لا أقول أن علينا أن نتساهل في الشأن الديني ونميّع الدين، ولكن -أوّلاً- الناس مستويات، عقلياً، روحياً، بدنياً، ومن حيث الظروف المحيطة بهم... الناس متباينون، وعلينا أن نراعي فيهم ذلك، وثانياً، تأكدوا من معلوماتكم التي تقدمونها وتهددون الناس بدينهم من خلالها.
- ثاني رواية في الجزء الثاني من أصول الكافي باب درجات الإيمان قصة طريفة عن خاد للإمام الصادق (ع) يشتكي من بعض الناس الذين التقاهم بطلب من الإمام، وكانوا دون المستوى الذي توقع أن يراهم عليه من حيث التدين، فلما رجع اشتكى للإمام فحذّره الإمام من البراءة منهم، وقص عليه قصة من باب المثل، وهي قصة النصراني الذي أسلم على يد جاره، فأخذه إلى المسجد من السحر، استمرا في الصلاة والمكث في المسجد إلى ما بعد العشاء، وآخر الأمر عاد المسكين إلى دينه كُفراً وعلّق (ع) قائلاً: (أدخله في شئ أخرجه منه)!
- في الكافي بالسند عن عبد العزيز القراطيسي قال: (قال لي أبو عبد الله [ع]: يا عبد العزيز، إن الإيمان عشرُ درجات، بمنزلة السُّلَّم، يُصعَد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحبُ الإثنين لصاحب الواحد لست على شيء، حتى ينتهي إلى العاشر) أي ولا يقولن صاحب الثلاثة لصاحب الإثنين لستَ على شيء... وهكذا (فلا تُسقِط مَن هو دونَك فيُسقطُكَ مَن هو فوقَك، وإذا رأيتَ مَن هو أسفلَ منك بدرجةٍ، فارفعه إليك برفق) يعني حتى لو كان عندك إصرار ورغبة على أن تجعله في وضع أفضل، فعليك أن تفعل ذلك برفق وبحكمة، لا بالتوبيخ والتعنيف (ولا تحملنَّ عليه ما لا يُطيق فتكسره، فإنَّ مَن كَسر مؤمناً فعليه جَبرُه).
- ولنعلم أن بعض الناس الذين نراهم أقل شأناً منا في أمر قد يكونون أفضل منا في أمر آخر، ولعل ذلك الأمر يرفعهم علينا عند الله بمراتب... من يعلم؟ فرفقاً بالناس وهوّنوا الدين عليهم.