الغدير في الشعر - مقال للشيخ علي حسن غلوم

يوم الغدير الذي أعلن فيه النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيه ولاية الإمام علي عليه السلام أمام حشد يقرب من المائة ألف من المسلمين بعد حجة الوداع، وبالدقة في 18 من ذي الحجة من العام العاشر للهجرة، حيث كان فيما قال بعد أن أخذ بيد الإمام علي عاليا: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟... فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)، حظي هذا اليوم بالتقريظ والاحتفاء عن طريق الشعر من قبل من عاصر الحدث، ومن جاء لاحقاً. وفيما يلي نماذج من شعر الغدير.



حسان بن ثابت



شهد الصحابي حسان بيعة الغدير، فكانت أبياته التالية أول ما عُرف من الشعر القصصي في رواية هذا النبأ العظيم، وقد ألقاه في ذاك الحشد الكبير، فقال:

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخُم وأسمِع بالرسول مناديا

فقال: فمن مولاكم ونبيكم؟

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت نبينا

ولم تلقَ منا في الولاية عاصيا

فقال له: قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه

فكونوا له أتباع صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليَّه

وكن للذي عادا علياً معاديا



قيس بن سعد



وقال الصحابي قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري:

وعلي إمامنا وإمامٌ

لسوانا أتى به التنزيل

يوم قال النبي: من كنت مولاه

فهذا مولاه خطب جليل

إنما قاله النبي على الأمة

حتم ما فيه قال وقيل



أبوتمام



قال الشاعر الكبير أبو تمام حبيب بن أوس الطائي (231هـ) في قصيدة له:

ويوم الغديراستوضح الحق أهله

بضحياء لا فيها حجاب ولا ستر

أقام رسول الله يدعوهم بها

ليقربهم عرف وينآهم نكر

يمد بضبعيه ويعلم أنه

وليٌّ ومولاكم فهل لكم خبر؟



الناشي الصغير



علي بن عبد الله بن الوصيف البغدادي، نزيل مصر، ويقال له: الناشي لأن الناشي يقال لمن نشأ في فنون الشعر. برع في الفقه ونبغ في الحديث وتقدم في الأدب. وروى ابن خلكان عن أبي بكر الخوارزمي: إن الناشي مضى إلى الكوفة سنة 325 وأملى شعره بجامعها، وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه بها. ومن شعره:

أبوكم أحمد وصاحبه

الممنوح من علم ربه منحا

ذاك علي الذي تفرده

في يوم خم بفضله اتضحا

إذ قال بين الورى وقام به

معتضداً في القيام مكتشحا

من كنت مولاه فالوصي له

مولى بوحي من الإله وحا

فبَخبخوا ثم بايعوه ومَن

يبايع الله مخلصاً ربِحا



ابن الرومي



علي بن عباس بن جريج البغدادي الشهير بابن الرومي. مفخرة من مفاخر الشعر والبلاغة. كان أبوه صديقاً لبعض العلماء والأدباء فاستفاد من ذلك كثيراً حتى نبغ في الشعر، ومن أبياته:

يا هند لم أعشق ومثلي لا يرى

عشق النساء ديانة وتحرجا

لكن حبي للوصي مخيِّم

في الصدر يسرح في الفؤاد تولّـجا

فهو السراج المستنير ومن به

سبب النجاة من العذاب لمن نجا

وإذا تركت له المحبة لم أجد

يوم القيامة من ذنوبي مخرجا

قل لي: أأترك مستقيم طريقه

جهلاً وأتَّبع الطريق الأعوجا؟

وأراه كالتبر المصفّى جوهراً

وأرى سواه لناقديه مبهرجا

ومحله من كل فضل بيِّن

عال محل الشمس أو بدر الدجا

قال النبي له مقالاً لم يكن

يوم الغدير لسامعيه ممجمجا

من كنت مولاه فذا مولى له

مثلي وأصبح بالفخار متوّجا

تاريخ النشر 05/12/2009