أبوبرزة الأسلمي

صحابي جليل، اختُلف في اسمه لغلبة كنيته عليه، وقيل أن اسمه نضلة بن عبدالله الخزاعي. أسلم قديماً، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ست أو سبع غزوات. روى ابن عساكر أن أبابرزة قال: (لما كان يوم أحد وشجَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكُسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، خر مغشياً عليه، فأخذت رأسه في حجري فلما أفاق قال: نضلة؟ قلت: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله. قال: بارك الله فيك وفي ذريتك وعترتك من بعدك). وقال أبوبرزة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ يعني يوم فتح مكة ـ يقول: الناس آمنون كلهم غير عبدالعزى بن خطل... قال أبو برزة: فقتلته وهو متعلق بأستار الكعبة يعني عبد الله بن خطل).



صفته وخلقه:

كان مربوعاً أدم ـ أسمر ـ يميل الى السمنة، وقد عيّره بذلك عبيدالله بن زياد والي الكوفة من قبل يزيد بن معاوية وذلك في حادثة رواها المؤرخون، قالوا: (قال عبيد الله بن زياد: مَن يخبرنا عن الحوض؟ فقيل: هاهنا أبوبرزة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان أبو برزة رجلاً مسمناً، فلما رآه قال: ان محمديكم ـ نسبة الى النبي محمد ـ هذا لدحداح. فغضب أبو برزة وقال: الحمد لله الذي لم أمت حتى عُـيِّرت بصحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم جاء مغضباً حتى قعد على سرير عبيد الله فسأله عن الحوض فقال: نعم، فمن كذّب به فلا أورده الله اياه ولا سقاه الله اياه. ثم انطلق مغضباً فقال: ما كنت أظن أني أعيش حتى أخلف في قوم يعيروني بصحبة محمد صلى الله عليه وآله وسلم). ومن الطريف أنه كان قلقاً من زيادة وزنه حين يأكل، ويدل على ذلك قوله: (كانت العرب تقول: من أكل الخبز سمن. قال: فلما فتحنا خيبر أجهضناهم عن خبزة لهم فقعدتُ عليها فأكلت منها حتى شبعت، فجعلت أنظر في عطفي هل سمنت؟).

وروى الحسن بن حكيم عن أمه، وكانت أمةً لأبي برزة: (كانت لأبي برزة جفنة من ثريد غدوة ـ صباحاً ـ وجفنة عشية، للأرامل واليتامى والمساكين). وعنها: (أن أبا برزة الأسلمي كان يقوم من جوف الليل الى الماء فيتوضأ لا يوقظ أحداً من خدمه وهو شيخ كبير ثم يصلي).
مروياته:

حدّث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحدّث عنه ابنه المغيرة وأبو المنهال الرياحي والأزرق بن قيس وأبو عثمان النهدي وأبو العالية وأبو السوار العدوي وغيرهم. ومما رواه، قال: (قلت: يا رسول الله مرني بعمل أعمله. قال: أمِط ـ أزِل ـ الأذى عن الطريق فانه لك صدقة).



ولاؤه لعلي:

عدّه علماء الرجال من خلّص أصحاب علي عليه السلام وأصفيائه، وقد شهد أبوبرزة المشاهد كلها مع الامام علي، الجمل وصفين والنهروان، قال ابن عساكر: (وحضر مع علي بن أبي طالب قتال الخوارج بالنهروان، وورد المدائن في صحبته، وغزا بعد ذلك خراسان).



موقفه عند يزيد:

روى المؤرخون أنه لما أدخِل رأس الحسين عليه السلام على يزيد وأذِن للناس بالدخول رأى أبوبرزة الرأس الشريف بين يدي يزيد ومعه قضيب وهو ينكث به في ثغره. ثم قال: ان هذا وأنا كما قال الحصين بن الحمام:



يفلقن هاماً من رجال أحبة

الينا وهم كانوا أعق وأظلما



فقال أبو برزة الأسلمي: (أتنكث بقضيبك في ثغر الحسين؟! أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لطالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرشفه. أما انك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك، ويجيء هذا يوم القيامة ومحمد شفيعه) فقام وولّى.


وفاته:

بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استقر أبوبرزة في البصرة، ثم خرج الى خراسان غازياً، فاستقر في مدينة (مرو)، وبقي فيها الى وفاته عام 64 أو 65 هـ. قال ابن حبّان ان وفاته كانت في المفازة بين سجستان وهراة.

تاريخ النشر 21/11/2009