خطبة الجمعة 28 رجب 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: هنيئاً لحامل العلم

- روى الحر العاملي في وسائل الشيعة أن سفيان الثوري، وهو إمامُ مذهب في زمانه، ولكن هذا المذهب اندثر لاحقاً، طلبه الخليفة العباسي المهدي لتولّي القضاء، فتهرّب منه، حتى غضب عليه وطارده حتى توفي متخفّياً في البصرة سنة 161هـ، سفيان هذا قال لرجل: (اذهب بنا إلى جعفر بن محمّد. قال: فذهبت معه إليه، فقال له سفيان: يا أبا عبد الله، حدِّثنا بحديث خطبة رسول الله (ص) في مسجد الخَيف... إلى أن قال: فقال سفيان: مُرْ لي بدواة وقرطاس حتّى أُثبِتَه، فدعا به، ثمَّ قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. خطبة رسول الله (ص) في مسجد الخَيف: نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا) أي كسا وجهه بالحُسن والبهاء (سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، وَبَلَّغَها مَن لَمْ تَبْلُغْه. يَا أيَّها النَّاسُ، لِيُبلِغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيسَ بِفَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ).
- أوّلاً، هذا خبر آخر يؤكّد ما ذكرتُه في خطب سابقة من طبيعة العلاقة الإيجابية بين بعض أئمتنا (ع) ببعض علماء زمانهم من خارج مدرسة أهل البيت (ع)، وآخر الشواهد التي ذكرتها كانت بخصوص الإمام الباقر (ع) مع إمام الحرم المكي في زمانه.
- ثانياً، ليس بالضرورة أن تكون عالماً كي تنقل العلم... قد لا تكون من العلماء، أو لربما تكون ثقافتُك الدينية بسيطة، أو لربما لا تملك عمقاً في فهم تلك المعلومة النافعة، فهل تنتهي مسئوليتك عند حدّ تلقّيك لها؟ أبداً.
- في الأسبوع الماضي حين تحدّثت عن إسلام الدكتور (جفري لانج) ذكرت أنه أسلم بعد قراءته للقرآن الذي أهداه إياه تلميذُه أو صديقُه.. تلميذُه هذا أو صديقُه إنسان عادي ولم يكن عالم دين، ولكنه كان واسطة في أن ينفتح هذا الملحد على ما في القرآن من علم فصار سبباً في إسلامه.
- هل تريد أن تَقدِمَ على الله في الآخرة والنور يكسو وجهَك؟ هناك أكثر من طريق لذلك، ومن هذه الطرق أن تكون حاملاً للعلم إلى الآخرين، ولو إلى مَن هم أكثرُ منك علماً وفهماً.. لا تتردد في ذلك، وبادر.. لا تقل: هذا ليس من شأني.. لا تقل: أنا أقلّ من الآخرين شأناً.. فلا أحد يملك العلمَ كلَّه، ولربما -حين تنقل ذلك العلم- يهتدي على يديك كثيرون إلى أمرٍ أو عملٍ يحبُّه الله.. فلنساهم بأجمعنا في أن نملأ العالَم بكلام الله، وبكلام رسول الله، وبكلام أهل بيت الهدى.