خطبة الجمعة 21 رجب 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الثانية: آدم يهدي جِفري


- (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) [النساء:82].
- القرآن بين أيدينا، نقرأه على الدوام، ولكننا نادراً ما نتأثّر به، لأننا نادراً ما نتوقّف للتدبّر في آياته حين نتلوها، ونادراً ما نبحث فيه عن إجابات للأسئلة الفكرية التي تدور في أذهاننا.
- وهذا خلاف ما جاء في وصيةٍ لرسول الله (ص) ولعلي (ع) وفيها: (بيِّنه تبياناً، ولا تهذّه هذّ الشِّعر) أي لا تُسرع في قراءته كما تقرأ الشِّعر (ولا تنثره نثر الرمل، ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية، ولا يكن همَّ أحدِكم آخرُ السورة).
- جيفري لانج (Jeffrey Lang)‏ أستاذ الرياضيات في جامعة كنساس عمل بهذه الوصية، فانتقل من الإلحاد إلى الإسلام، ومن دون معلّم ولا رجل دين ولا صديق ولا محاضرة، بل بالقرآن وحده!
- بعض المعتقدات الكاثوليكية حول الله والحكمة من خلق الإنسان وخطيئة آدم، والتي كان يجدها غير متناغمة مع العقل، والأسئلة الملحّة حول فلسفة الوجود والخلق ووجود الشر، دفعته إلى الإلحاد وهو في السادسة عشرة من عمره... ولكنه بعد عشر سنوات وجد الإجابات الشافية في القرآن الكريم.
- تلميذه المسلم أهداه نسخة مترجَمة مِن القرآن الكريم، فبدأ يتصفّحها حتى وصل إلى الآية 30 من سورة البقرة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) وهنا كانت نقطة التحوّل حين بدأ يقرأ هذه الآية وما بعدها مرات ومرات، وفي كل مرة يستخلص إجابة على تساؤل من تساؤلاته الفكرية، وعبّر عن تلك اللحظات بقوله: (فلما قرأتُه لأول مرة شعرتُ كأنّ القرآن هو الذي يقرأُني).
- ومن المؤسف أن بعض الشباب العرب المسلمين ممن لا يعرفون الفرق بين الضاد والضاء يهزأون بكتاب الله ويعتبرون أنّ هذه الآية وسواها من أساطير الأوّلين، وأنها تدفعهم إلى الإلحاد!
- وعندما ذهب د. (لانج) لاحقاً إلى مصلّى الجامعة تردّد كثيراً، يقول: (لقد مرّت عليّ عشر سنوات وأنا أقاوم الدعاء والنظر إلى السماء! أما الآن فقد انهارت المقاومة وارتفع الدعاء: اللهم إن كنتَ تريدُ لي دخولَ المسجد، فامنحني القوة).. فدخل، وتشهّد الشهادتين.
- وهكذا أسلم (لانج) ووضع كتابيه (الصراع من أجل الإيمان) و(حتى الملائكة تسأل – رحلة الإسلام إلى أمريكا)، وله عدة مقاطع مسجلّة موجودة على الإنترنت يشرح فيها كيف استخلص إجابات الأسئلة التي دفعته في يوم ما إلى الإلحاد، فإذا بالقرآن يهديه إلى الإسلام.
(اللهم إني لا أطيق العيش ولو ليوم واحد من غير الإيمان بك) هذه هي كلمات الدكتور جيفري لانج الذي اهتدى إلى الإسلام من خلال التدبّر في آيات القرآن، والتي وجد فيها الإجابات على الأسئلة الفكرية التي طالما حيّرته ودفعته إلى الإلحاد في يوم ما... وهي تجربة جديرة بأن تجعلنا نتساءل عن دور القرآن في حياتنا، وعن عمق تأثيره فينا، وعن أسباب هجرِنا للتدبّر في آياته.