خطبة الجمعة 14 رجب 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الثانية: الوداع الأليم


- قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) [سبأ:15].
- تعيش الكويت هذه الأيام أعيادَها، العيد الوطني الستين، وعيد التحرير الثلاثين، وكما نحتفل بهذه الأيام نحتاج إلى أن نجعلها مناسبة للتوقف قليلاً للمراجعة والتقييم.
- الكويت بلدة طيبة، أنعم الله عليها بالكثير من الخيرات... صحيح أننا لا نملك جنات كجنتي سبأ التي ورد ذكرها في الآية السابقة، وما يرتبط بذلك من طبيعة وجو ومياه عذبة وافرة، ولكن الله عوّضها عن ذلك بمورد اقتصادي قليل المئونة، عالي المردود.
- وللكويت شعب طيب، وأسرة حاكمة طيبة أجمع الشعب عليها.. إلا أنّ هذا لا يعني عدم وجود سلبيات وأخطاء، بعضها على درجة عالية من الخطورة، وهي بحاجة إلى معالجة جدّية وجذرية.
- واحدة من هذه السلبيات ما له علاقة بقضية غير محددي الجنسية، وهي قضية ذات بُعد إنساني كبير، وبالأمس شهدنا حالة أخرى من حالات الانتحار من أبناء هذه الفئة في المجتمع... وإنْ سبقتها حالات، إلا أنها تأتي هذه المرّة من طفل فُجِع به أبواه، وكان الدافع لانتحاره رغبته في تخفيف العبء المالي على الأب! هل يُعقل أن نشهد مثل ذلك في الكويت بلد الخير؟
- الكويت التي تُغدِق المليارات على الدول الأخرى، هل يُعقَل أن تستمر فيها حالات من معاناة آلاف الأسر بسبب قوانين أو إجراءات أو أخطاء سابقة؟
- وأرجو أن لا يخرج علينا أحد المسئولين ليقول أنّ هذا الطفل كان مدمناً أو مريضاً نفسياً أو يعاني من مشاكل أسرية، وأنّ هذا هو سبب الانتحار.. ابحثوا ما وراء انتحار هذا الطفل بكل شفافية لتتم معالجة المسألة بما يتناسب مع سمعة الكويت الدولية، السمعة التي اكتسبتها على مدى عقود بأنها بلد الإنسانية، وهي كذلك دون شك، ولكن في البين ثغرات، وقضية غير محددي الجنسية واحدة منها. وإنْ كان في البين قانون يعرقل معالجة المسألة حالياً، فإنّ للقانون روحاً، وهذه الروح تنادي بالحلِّ الإنساني لهذه القضية المأساوية.. إنّ لكلِّ بلدة طيبة ربٌّ غفور، ولكن لنتذكّر أنّ للمغفرة الإلهية حدوداً، فلننتبه أن لا نتجاوزها. وقد روي عن النبي (ص) أنه قال: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ).