خطبة الجمعة 14 رجب 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: لماذا قلّت الصدقات؟


- في الحكمة برقم 328 من نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي (ع) أنه قال: (إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ، فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ، وَاللَّهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ). لا يراد من الغني مَن يكون ثرياً ولديه أموال طائلة، بل المراد من الغني من ليس بفقير، أي هو مستغني عن المساعدة، فلديه ما يكفيه.
- في أجواء جائحة كورونا زاد الفقراء فقراً، وتردّت أوضاع الكثيرين من أبناء الطبقة المتوسطة
وغدا منهم فقراء.. فهل يُعقَل أن يكون إنفاقنا لمساعدة الفقراء في ضمن هذا الظرف بنفس مستوى الإنفاق في الظروف الطبيعية أو أدنى منه؟
- أنا لا أملك إحصاءات في هذا المجال، ولكن هناك شعور أو قرائن لدى بعض الجهات المعنيّة بمساعدة الفقراء واللجان الخيرية بأنّ في البين تراجعاً واضحاً في الصدقات.
- وفق دراسات لمنظمة السياحة العالمية، يبلغ متوسط إنفاق الكويتي على السياحة والسفر والترفيه 11% من دخله سنوياً، والسائح الكويتي ينفق 7 أضعاف ما ينفقه أي سائح آخر في المتوسط العام، وفي المجموع يتم إنفاق 3,3 مليار دينار كويتي في هذا الإطار. أي أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً. وقد حُرمت الغالبية العظمى من هذا السفر بسبب الجائحة... وتحوّلت هذه المبالغ ما بين الإنفاق المحلّي والادّخار... فهل يُعقَل أن لا نضع بعين الاعتبار توجيه شيء من ذلك للفقراء؟
- أحياناً كثيرة، عندما يعيش الإنسان أزمةً ما، وسعياً لحماية نفسه، فإنه قد ينكفيء على ذاته، وتزداد لديه (الأنا) قوة، ويدخل الشيطان على الخط ليزيد من مخاوفه أملاً في أن تزداد أنانيتُه، ولذا حذّر الله تعالى من الوقوع في هذا الشرَك الشيطاني: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) وتبيّن الآية اللاحقة أنّ الحكيم هو مَن ينجح في خلاص نفسه من هذا الشَّرَك، لا الذي يعيش أنانيته والناس من حوله يعانون: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [البقرة:268-269]. ولا تَقِف المسألة عند فقدان هذا الخير الكثير فيما لو لم نتحمّل مسئوليتنا الإنسانية تجاه حرمان الآخرين، بل سيوقفنا الله ليسألنا ويحاسبنا على ذلك: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) [المنافقون:10].