خطبة الجمعة 23 جمادى الآخرة 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: المبادرة إلى الصلاة

- تحدّثتُ من قبل عن معنى وقت الفضيلة، وأنها الوقت المفضّل لأداء الصلاة بلحاظ ارتفاع قيمة الثواب فيها، وبيّنت حدود فضيلة كل صلاة، وذكرت أيضاً أن أوّل وقت الفضيلة أفضل من آخره.
- وأنا لا أتحدّث هنا عن الصلاة بعد خروج الوقت بحيث تتحوّل إلى قضاء، فذلك شأن آخر، ولا يُتوقّع من المؤمن أن يصدر عنه شيء من هذا القبيل إلا لظرف قاهر كغلبة نوم مثلاً، ولكن أتحدّث عن تأخير الصلاة ضمن وقتها، بحيث يؤدّيها أداءً، ولكن بعد ساعتين أو ثلاثة مثلاً.
- فهناك شكاوى من بعض المؤمنين بوجود إهمال في العناية بذلك. ولذا فلنأخذ بعض النصوص التي تحدّثت عن هذا الأنر، لعلّ فيها حافز للعناية بأداء الصلاة في أوّل وقت فضيلتها.
- عندما يقول لنا الله سبحانه: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة، 238]، فإن جانباً من هذه المحافظة بأن نعتني بأدائها في الوقت الذي فضّله الله، وأن نترقّبها، ونكون لها من القائمين، لا مجرد إسقاط للتكليف.
- وعن الإمام الصادق (ع): (فَضْلُ الوقتِ الأوّل على الأخير كفضل الآخرة على الدنيا). وأعتقد أنه لو لم يكن بأيدينا إلا هذا الحديث لكفى في الحثّ على العناية بوقت فضيلة الصلاة.
- أذّن، اترك ما بيدك وقم وصلّ لله تعالى. المسألة لن تأخذ منك أكثر من عشرة دقائق. لاحظ كيف تصرّف الإمام الرضا (ع) كما جاء في الخبر التالي.
- عن القزار: (خرج الرضا (ع) يستقبل بعض الطالبيين وجاء وقت الصلاة، فمال إلى قصر هناك فنزل تحت صخرة، فقال: أذِّن، فقلت: ننتظر يلحق بنا أصحابُنا، فقال: غفَر الله لك، لا تؤخرنَّ صلاةً عن أوَّلِ وقتِها إلى آخر وقتِها مِن غير عِلّة، عليك -أبداً- بأوّل الوقت. فأذّنت وصلينا).
- ولما بعث الإمام علي (ع) محمد بن أبي بكر إلى مصر ليكون والياً عليهم، أوصاه بمجموعة من التوصيات له ولأهل مصر، من بينها المحافظة على أداء الصلاة في أوّل وقتها.
- أي أنّ الخليفة يوصي المسئول الأوّل في إحدى الولايات حول كيفية إدارة شئون الحُكم وفضّ الخلافات والشئون الاقتصادية والاجتماعية وما إلى ذلك، ولكننا نجده أيضاً يوصيه بقضية الصلاة... وما ذاك إلا لأهميتها.
- روى الشيخ الطوسي أنه (لمّا ولّى أميرُ المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالب (ع) محمّدَ بن أبي بكر مِصرَ وأعمالَها، كَتَب له كتاباً، وأمره أن يقرأه على أهل مِصر، ويَعمل بما وصّاه فيه) ومن جملة ما جاء فيه: (وانظر إلى صلاتِك، كيف هي؟ فإنّك إمامٌ لقومِك... ثمّ ارتقِب وقتَ الصلاة فصلِّها لوقتِها، ولا تُعجِّلْ بها قَبله لفراغ، ولا تؤخّرْها عنه لشُغل).
- نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقنا لما يحب ويرضى وأن نكون عنده من المحافظين عليها.