خطبة الجمعة 2 جمادى الآخرة 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: وفاء الزهراء (ع)

- في ذكرى رحيل مولاتنا الزهراء (ع) عن هذه الدنيا الفانية، نقف قليلاً مع هذا الخبر الذي روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (إن فاطمة (ع) كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت، فتأتي قبرَ حمزة وتترحّم عليه، وتستغفر له).
- الوفاء صفة من الصفات الإنسانية التي لا يختلف على جمالها إلا ذوو النفوس السقيمة، وهي تعبّر عن صِدق العلاقة مع الطرف الآخر. وقد تجلّى الوفاء في مولاتنا الزهراء (ع) في أكثر من موقف، ومن بينها ما جاء في الخبر السابق.
- فالزهراء (ع) تقطع المسافة الفاصلة بين بيتها وبين جبل أحد حيث مرقد الشهداء، وفيهم سيدهم حمزة رضوان الله تعالى عليه، لتجدِّد عهدَها مع عمِّ أبيها، أسدِ الله وأسدِ رسوله، بعد شهادته.
- البعض يسأل: هل يشعر بنا الأموات عند زيارة قبورهم؟ فإنْ كان الجواب بلا، فلم نزورهم؟
- بغضّ النظر عن المسألة الغيبية المتعلّقة بشعور الأموات بنا أو عدم ذلك، هذا النوع من التواصل بزيارة مراقد أحبابِنا له عدة آثار إيجابية:
1. انعكاس لحالة الوفاء لهم.. صحيح أن هذا الوفاء لهم يمكن أن يتحقق بأن نصلي أو نتصدّق مثلاً ونهدي الثواب لأرواحهم، ولكن الذهاب إلى مراقدهم أيضاً هو صورة من صور هذا الوفاء وانعكاس له، ورسالة إلى المجتمع باستمرارية هذا الوفاء.
2. في زيارة القبور تهذيب للنفس وتذكير لها بمرجعها، وما ستكون عليه خاتمة الإنسان، وقد يكون في هذا واعظ أبلغ من ألف محاضرة.
3. زيارتهم ستكون محفِّزاً لتذكّر المواقف التي تجمع الزائر بالمزور الميت، وهذا التذكّر بدوره قد يكون محفِّزاً لعمل الخير وإهداء ثوابه للميت، أي ليكون بدوره محفزاً لصور أخرى من الوفاء.
- قبل أن نختم، وفي موقف الاستلهام والاعتبار من سيرة مولاتنا الزهراء (ع)، نستذكر أنها حين خرجت لإلقاء خطبتها المشهورة بعد وفاة أبيها (ص) لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت تطأ ذيولها، كنايةً عن شدّة تستّرها، وفي هذا دعوة للأخوات الفاضلات للحفاظ على حالة من الوقار في مظهرهن الخارجي، وفي سلوكهن العام عند زيارة قبور أحبابهن مستحضرات بذلك سيرةَ الزهراء (ع) ومظهرَها، والابتعادِ عن التبرّج وتجنّب السفور، احتراماً -على الأقل- لطبيعة المكان وخصوصيته، ولمشاعر الحزن التي تخيّم على الحاضرين.