ما صفة الملائكة ؟ وما هي أنواعهم ؟ تلاوة وتفسير سورة فاطر 1-7 - القسم الأول


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
- افتتاحها بذكر خلق السماوات والأرض وخلق الملائكة وجعلهم رسلاً، إيذان بأن السورة ستتحدث عن التوحيد والنبوة.
- الفاطر فاعل الفَطْر، وهو الخلق، ولكن هناك خصوصية في الكلمة، ولربما أكثر من خصوصية، ومنها:
1. أن فاطر مشتق من الفطر وهو الشق، يقال: تفَطّرَ : أي تَشَقّقَ أو تصدَّعَ ... فكأن شيئاً انشق فكان السماوات والأرض، ولعل في هذا إشارة إلى الانفجار العظيم.
2. أن يكون إشارة إلى الابتداء، مثل الفَطور الذي يكون ابتداء تناول الطعام إما صباحاً أو بعد الصيام، ومثل الفِطْرُ: أي حبَّاتُ العنب أَوّلَ ما تبدو، ومثل الفطر الذي يظهر بلا شجرة وأصل. وكأن المراد أن لا أصل سابق للسماوات والأرض، فالخلق حصل لهما ابتداء، لا أنه كانت هناك سماوات وأرض وتولّدت عنهما هذه السماوات والأرض.
- وأما { جَاعِلِ } فيطلق بمعنى مكوِّن، وبمعنى مُصَيِّر
- { رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ } جمع جَناح، وهو ما يكون للطائر في موضع اليد للإِنسان. فيُحتمل أن إثبات الأجنحة للملائكة في هذه الآية وفي بعض الأحاديث المروية عن النبي (ص) حقيقة، ويحتمل أنه استعارة للقوة التي يخترقون بها الآفاق السماوية صعوداً ونزولاً، لا يعلم كنهها إلا الله.
- { مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } دالّة على معنى التكرير لاسم العدد التي تشتق منه، ابتداء من الاثنين بصيغة مَثنى ثم الثلاثة والأربعة بصيغة ثُلاث ورُباع. والأكثر أنهم لا يتجاوزون بهذه الصيغة مادة الأربعة، وقيل يجوز إلى العشرة. والمعنى اثنين اثنين الخ. والمعنى أنهم ذوو أجنحة بعضها مصففة جناحين جناحين في الصف، وبعضها ثلاثةً ثلاثة، وبعضها أربعةً أربعةً.
- { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي أكثر من أربعة في الصف.... ويجوز أن تكون أعداد الأجنحة متغيرة لكل ملك في أوقات متغيرة على حسب المسافات التي يؤمرون باختراقها.
- وهذه الجملة لبيان لأن ما ذكر من صفات الملائكة يثير تعجب السامع أن يتساءل عن هذه الصفة العجيبة، فأجيب بهذا الاستئناف بأن مشيئة الله تعالى لا تنحصر ولا تُوقَّت.
- في الخطبة الأولى من نهج البلاغة وصف للملائكة بحيث تم تقسيمهم إلى أربعة أقسام :
الأول : خُلقوا للعبادة ، ومنهم الراكع ، والساجد ، والمسبح، والقائمون صفوفا.
الثانى : الأمناء على وحى اللّه لأنبيائه ، والألسنة الناطقة فى أفواه رسله ، والمختلفون بالأقضية إلى العباد : بهم يقضى اللّه على من شاء بما شاء.
الثالث : حفظة العباد، يحفظ اللّه الموصولين بهم من المهالك والمعاطب ، ولو لا ذلك لكان العطب ألصق بالانسان من السلامة ، ومنهم سدنة الجنان ، جمع سادن : وهو الخادم ، والخادم يحفظ ما عهد إليه وأقيم على خدمته.
الرابع : حملة العرش ، كأنهم القوة العامة التى أفاضها اللّه فى العالم لإدارة شئون المُلك بأمره .
قال (ع): (ثمّ فتق ما بين السّموات العلا ، فملأهنّ أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافّون لا يتزايلون، ومسبّحون لا يسأمون. لا يغشاهم نوم العين، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، ولا غفلة النّسيان. ومنهم أمناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره، ومنهم الحفظة لعباده، والسّدنة لأبواب جنانه. ومنهم الثّابتة فى الأرضين السّفلى أقدامهم، والمارقة من السّماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم. ناكسة دونه أبصارُهم، متلفّعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين مَن دونهم حجبُ العزّة، وأستار القدرة. لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير ، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين ، ولا يحدّونه بالأماكن ، ولا يشيرون إليه بالنّظائر).
- وفي الصحيفة السجادية نجد الدعاء الثالث المخصص لهم بعد الدعاء الثاني الذي يذكر فيه الصلاة والتحية لرسول الله، وفي ذكر لأصناف منهم، وبعض صفاتهم وأحوالهم: (اللَّهُمَّ وَحَمَلَةُ عَرْشِكَ الَّذِينَ لا يَفْتُرُونَ مِنْ تَسْبِيحِكَ، وَلا يَسْـأَمُـونَ مِنْ تَقْـدِيْسِـكَ، وَلا يَسْتَحسِرُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ، وَلاَ يُؤْثِرُونَ التَّقْصِيرَ عَلَى الْجِدِّ فِي أَمْرِكَ، وَلا يَغْفُلُونَ عَنِ الْوَلَهِ إلَيْكَ. وَإسْرافِيْلُ صَاحِبُ الصُّوْرِ، الشَّاخِصُ الَّذِي يَنْتَظِرُ مِنْكَ الاذْنَ وَحُلُولَ الامْرِ، فَيُنَبِّهُ بِالنَّفْخَةِ صَرْعى رَهَائِنِ الْقُبُورِ. وَمِيكَآئِيلُ ذُوالْجَاهِ عِنْدَكَ، وَالْمَكَانِ الرَّفِيعِ مِنْ طَاعَتِكَ. وَجِبْريلُ الامِينُ عَلَى وَحْيِكَ، الْمُطَاعُ فِي أَهْلِ سَمَاوَاتِكَ، الْمَكِينُ لَدَيْكَ، الْمُقَرَّبُ عِنْدَكَ، وَالرُّوحُ الَّذِي هُوَ عَلَى مَلائِكَةِ الْحُجُبِ، وَالرُّوحُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْرِكَ. أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عليهم وَعَلَى الْمَلاَئِكَـةِ الَّـذِينَ مِنْ دُونِهِمْ مِنْ سُكَّـانِ سَمَاوَاتِكَ وَأَهْلِ الامَانَةِ عَلَى رِسَالاَتِكَ، وَالَّذِينَ لا تَدْخُلُهُمْ سَأْمَةٌ مِنْ دؤُوب، وَلاَ إعْيَاءٌ مِنْ لُغُوب وَلاَ فُتُورٌ، وَلاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْ تَسْبِيحِكَ الشَّهَوَاتُ، وَلا يَقْطَعُهُمْ عَنْ تَعْظِيمِكَ سَهْوُ الْغَفَـلاَتِ، الْخُشَّعُ الابْصارِ فلا يَرُومُونَ النَّظَرَ إلَيْكَ، النَّواكِسُ الاذْقانِ الَّذِينَ قَدْ طَالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِيمَا لَدَيْكَ، الْمُسْتَهْتِرُونَ) المولِعون (بِذِكْرِ آلائِكَ وَالْمُتَوَاضِعُونَ دُونَ عَظَمَتِكَ وَجَلاَلِ كِبْرِيآئِكَ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ إذَا نَظَرُوا إلَى جَهَنَّمَ تَزْفِرُ عَلَى أَهْلِ مَعْصِيَتِكَ: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَـادَتِكَ. فَصَـلِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الـرَّوْحَـانِيِّينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ، وَ أهْلِ الزُّلْفَةِ عِنْدَكَ، وَحُمَّالِ الْغَيْبِ إلى رُسُلِكَ، وَالْمُؤْتَمَنِينَ على وَحْيِكَ وَقَبائِلِ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ اخْتَصَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَأَغْنَيْتَهُمْ عَنِ الطَّعَامِ والشَّرَابِ بِتَقْدِيْسِكَ، وَأسْكَنْتَهُمْ بُطُونَ أطْبَـاقِ سَمَاوَاتِكَ، وَالّذينَ عَلَى أرْجَآئِهَا إذَا نَزَلَ الامْرُ بِتَمَامِ وَعْدِكَ، وَخزّانِ الْمَطَرِ وَزَوَاجِرِ السَّحَابِ، وَالّذِي بِصَوْتِ زَجْرِهِ يُسْمَعُ زَجَلُ ألرُّعُوْدِ، وَإذَا سَبَحَتْ بِهِ حَفِيفَةُ السّحَـابِ الْتَمَعَتْ صَوَاعِقُ الْبُرُوقِ. وَمُشَيِّعِيْ الْثَلْجِ وَالْبَرَدِ. وَالْهَابِطِينَ مَعَ قَطْرِ الْمَطَر إَذَا نَزَلَ، وَالْقُوَّامِ عَلَى خَزَائِنِ الرّيَاحِ، وَ المُوَكَّلِينَ بِالجِبَالِ فَلا تَزُولُ. وَالَّذِينَ عَرَّفْتَهُمْ مَثَاقِيلَ الْمِياهِ، وَكَيْلَ مَا تَحْوِيهِ لَوَاعِجُ الامْطَارِ وَعَوَالِجُهَا، وَرُسُلِكَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إلَى أهْلِ الارْضِ بِمَكْرُوهِ مَا يَنْزِلُ مِنَ الْبَلاءِ، وَمَحْبُوبِ الرَّخَآءِ، والسَّفَرَةِ الْكِرَامِ اَلبَرَرَةِ، وَالْحَفَظَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، وَمَلَكِ الْمَوْتِ وَأعْوَانِهِ، وَمُنْكَر وَنَكِير، وَرُومَانَ فَتَّانِ الْقُبُورِ، والطَّائِفِينَ بِالبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَمَالِك، وَالْخَزَنَةِ، وَرُضْوَانَ، وَسَدَنَةِ الْجِنَانِ وَالَّذِيْنَ لاَ يَعْصُوْنَ اللّهَ مَا أمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. وَالَّذِينَ يَقُولُونَ: ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الـدّارِ﴾. والزّبانيةُ الذّينَ إذَا قِيْـلَ لَهُمْ: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوْهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوْهُ ابْتَدَرُوهُ سِرَاعاً وَلَمْ يُنْظِرُوهُ﴾. وَمَنْ أوْهَمْنَا ذِكْرَهُ، وَلَمْ نَعْلَمْ مَكَانَهُ مِنْكَ، وَبأيِّ أمْر وَكَّلْتَهُ. وَسُكّانُ الْهَوَآءِ وَالارْضِ وَالمآءِ، وَمَنْ مِنْهُمْ عَلَى الْخَلْقِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ يَوْمَ تَأْتي كُلُّ نَفْس مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ، وَصَلّ عَلَيْهِمْ صَلاَةً تَزِيدُهُمْ كَرَامَةً عَلى كَرَامَتِهِمْ، وَطَهَارَةً عَلَى طَهَارَتِهِمْ اللّهُمَّ وَإذَا صَلَّيْتَ عَلَى مَلاَئِكَتِكَ وَرُسُلِكَ، وَبَلَّغْتَهُمْ صَلاَتَنَا عَلَيْهِمْ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِمَا فَتَحْتَ لَنَا مِنْ حُسْنِ الْقَوْلِ فِيْهِمْ إنَّكَ جَوَاْدٌ كَرِيمٌ).