في رحاب الإمام جعفر الصادق - مقال للحاج عمار كاظم

اهتم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأهل البيت عليهم السلام تربية وتأهيلا وتفضيلا، تنفيذا لأمر الله تبارك وتعالى: {قُل لا أسألُكم عليه أجرا إلا المودَّة في القربى}. الإمام جعفر الصادق عليه السلام سادس الكوكبة الإلهية الذين أمرنا الله تبارك وتعالى بمودتهم ومحبتهم واتباعهم. الإمام جعفر الصادق عليه السلام إمام المسلمين واستاذ الفقهاء والمجتهدين ومرجع العلماء والمفكرين علم من أعلام أهل البيت عليهم السلام، تربى وترعرع عليه السلام في ظلال أبيه الإمام محمد الباقر عليه السلام وجده علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وعنهما تلقى علوم الشريعة ومعارف الإسلام، حيث أن أهل البيت عليهم السلام اكتسبوا العلم أبنا عن أب عن جد عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما عبر عنه إمامنا الصادق عليه السلام (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب، وحديث علي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله).

نشأت في المجتمع في عصر الإمام الصادق عليه السلام حركة علمية فكرية نشطة، فنما فيها التفكير والبحث العلمي حيث كان الإمام الصادق عليه السلام قمة شامخة فجر ينابيع المعرفة وأفاض العلوم والمعارف على علماء عصره وأساتذة زمانه وكانت أساسا وقاعدة علمية وعقائدية متينة ثبت عليها بناء الإسلام واتسعت من حولها أحكامه ومداراته، فقد روى الشيخ المفيد (كان الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين من بين أخوته خليفة أبيه محمد بن علي عليهما السلام ووصيه القائم بالأمانة من بعده وبرز على جماعتهم بالفضل وكان أنبههم ذكرا وأعظمهم قدرا وأجلهم في العامة والخاصة، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر ذكره في البلدان ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ما نقل عنه ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبدالله عليه السلام، فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على إختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل). وكتب الأستاذ محمد فريد وجدي صاحب دائرة معارف القرن العشرين عن الإمام الصادق عليه السلام فقال: (أبو عبدالله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، هو أحد الأئمة الاثنى عشر على مذهب الإمامية كان من سادات أهل البيت النبوي، لقب بالصادق لصدقه في كلامه، فكان من أفاضل الناس وله مقالات في صناعة الكيمياء، وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيان الصوفي قد ألف كتابا يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل الإمام جعفر الصادق عليه السلام وهي خمسمائة رسالة). ويحدث بعض الرواة: (أدركت في هذا المسجد - مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله - تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد). امتدت مدرسته عليه السلام إلى مختلف مواقع العالم الاسلامي وكان عليه السلام ينفتح على كل الاتجاهات الفكرية، والثقافية المتنوعة، وحتى الإلحادية، وحواراته في كثير من القضايا العقائدية وإجاباته التوضيحية والمقنعة، وبكل رحابة صدر، وردوده بالحجة والبرهان القوي حتى قال بعضهم: (ما رأيت رجلا يستحق اسم الإنسانية إلا جعفر بن محمد).