زيارة إلى القدس - د عبدالمحسن دشتي

في مبادرة من سماحة الشيخ علي حسن غلوم إمام مسجد سيد هاشم بهبهاني وتحقيقا لمبدأ الأخوة في الإسلام انطلق «مشروع تآخي» والمشروع ببساطة يهدف إلى التقارب الاجتماعي بين المصلين في مختلف المساجد وإذكاء روح الأخوة الإسلامية التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف، ويأتي هذا المشروع بعد أن اتسعت البقعة الجغرافية المدنية في الكويت وتغيرت ديموغرافية السكان وتباعدت المسافات المناطقية بين السكان، فأصبح الكل يشتكي من تدهور العلاقات الاجتماعية بين أفراد الشعب الواحد بالإضافة إلى الاختلافات الفقهية بين أتباع المذهب الواحد والتي أدت إلى ارتياد بعض المصلين إلى مسجد بعينه دون سواه، فإذا ما أخذنا الطائفة الشيعية كمثال فإننا نرى إن ما زاد هذه الهوة الاجتماعية هو الاختلافات الفقهية بين أتباع الطائفة الشيعية أنفسهم، كأي خلاف نراه بين أتباع أي من المذاهب الإسلامية الأخرى، فالمشروع لا يريد ان يكون لهذه الاختلافات أي بعد اجتماعي يعمل على تفكيك الأواصر الاجتماعية بين أفراد الشعب الواحد، لذا كانت فكرة المشروع أن يقوم رواد أحد المساجد بزيارة لمسجد آخر وأداء صلاتي المغرب والعشاء والتعارف فيما بين المصلين بعضهم البعض بعيدا عن أي هدف أو تكسب سياسي كما حلا للبعض أن يفسره حتى قبل انطلاق المشروع، انطلق المشروع يوم الخميس الموافق 8/10/2009 بزيارة لرواد مسجد سيد هاشم بهبهاني إلى إخوانهم في مسجد القدس الكائن في منطقة مبارك الكبير وتم استقبالهم بكل حفاوة من قبل القائمين على مسجد القدس وعلى رأسهم إمام المسجد الشيخ الدكتور/مرتضى فرج الذي أم المصلين بصوته الشجي وتبادل المؤذنون رفع أذان المغرب وأذان العشاء ومعقبات الصلوات والأدعية المأثورة، ثم دُعينا إلى ديوان المسجد لوجبة العشاء والتقاط بعض الصور التذكارية، ولقد تم الاتفاق على أن تتسع دائرة تبادل الزيارات حتى يحقق المشروع هدفه المنشود، كانت بداية موفقة بكل المقاييس لمشروع موفق نتمنى له النجاح والاستمرار.
أما تجربتي الشخصية فكان لها مذاق آخر، فلقد مرت بخاطري وأنا هناك وبمزيج من شعور الغبطة والسرور، زياراتي إلى مسجد الدولة الكبير في العشر الأواخر من رمضان وكأنني أعيش أجواء «عمرة مصغرة» في أجواء روحانية رائعة وألتقي بالكثير من أصدقاء الطفولة التي باعدت بيني وبينهم مسافات الدولة الحديثة، وكان دائما حلمي ومازال، أن يجتمع كل الشعب الكويتي، سنة وشيعة، لأداء صلاة جماعية في مسجد الدولة الكبير، أرى في «مشروع تآخي» الخطوة الأولى لتحقيق هذا الحلم وأتمنى بخالص النية أن تتسع دائرة الزيارات لتشمل كل مساجد الشيعة والسنة لتحقيق الوحدة الوطنية التي يصبو إليها أمير البلاد سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، وأنا على يقين أن إمام مسجد سيد هاشم بهبهاني سماحة الشيخ علي حسن غلوم قادر، بحسه الوطني العالي وحرصه الدائم على الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى النسيج الاجتماعي وعشقه لتراب وطننا الغالي، أن يجعل من هذا المشروع نواة للتقارب الاجتماعي والوجداني بين جميع أفراد الشعب، فشكرا لسماحة الشيخ علي حسن غلوم ولرواد مسجد سيد هاشم بهبهاني الذين لبوا نداء الزيارة الأولى وشكرا مرة أخرى لسماحة الشيخ الدكتور مرتضى فرج وللقائمين على مسجد القدس آملا أن يمن الله جل جلاله علينا جميعا بزيارة المسجد الأقصى في القدس الشريف،انه سميع مجيب الدعوات.