خطبة الجمعة 8 صفر 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الثانية : سموم التطبيع


- من بين الصور الإبداعية في ما بلغنا من علوم أهل بيت النبوة (ع) استيحاء الآيات القرآنية، وإعطاؤها أبعاداً مجازية مستفادة من منطوقها وفكرتها العامة.
- من أمثلة ذلك ما روي عن الإمام محمد الباقر (ع) في تفسير أول آية من مجموع الآيات التي عرضتها في الخطبة الأولى، وهي قوله: (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ)، ففي حين أن الآية تتحدث فعلاً عن غذاء الجسد، إلا أن الإمام (ع) يستوحي من ذلك فكرة رائعة حيث قال بشأن كلمة الطعام الواردة فيها: (علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه).
- لم يكن الإمام الباقر (ع) بصدد تفسير الآية وبيان معناها، ولكنه استوحى من ألفاظها ومعناها فكرة ترتبط ببُعد محوري وحساس في حياة الإنسان، وهي علومه وثقافته الإيمانية والشرعية والأخلاقية والمرتبطة بالحكمة، فكما أنه مأمور بالتأمل والتفكر في غذاء الجسد، هو مأمور أيضاً بالتفكر والتأمل في غذاء الروح والعقل.
- ومن هنا قال الإمام الحسن (ع) كما روي عنه: (عجبتُ لمن يتفكّر في مأكوله، كيف لا يتفكر في معقوله؟! فيُجنّب بطنَه ما يؤذيه، ويودِع صدرَه ما يُرديه) فهو يتجنّب السموم الغذائية وما فسد من الطعام وما هو مضر وما هو سيء الطعم، أما إذا ارتبط الأمر بغذاء العقل والروح لم يبالِ بالمصدر ولا بالمضمون.
- إننا أمام مسئولية التحقق من غذاء العقل والروح كما نتحمل مسئولية التحقق من غذاء البدن.
- لقد باتت سموم مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم الغاصب مبثوثة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بشكل مكثف، وتهدف للترويج والتسويق لجريمة لا تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني فحسب، بل وبحق العرب والمسلمين ككل، لأن العدو لا يستهدف من خلال ذلك سوى تحقيق مآربه التدميرية وأطماعه الاستعمارية التي فشل في تحقيقها بالحروب، فعمل على تحقيقها وهو يرتدي ثياب الحِملان... وهو ما يستدعي من الجميع الحذر والتعامل المسئول مع الأطروحات التي تُقدَّم تارة لتسويغها من منظور ديني، وأخرى بعنوان وطني يدعو إلى اهتمام أبناء كل شعب بوطنه دون غيره، وثالثةً بوعود معسولة تدّعي تحقيق الرخاء والنمو الاقتصادي للمنطقة وإغراقها بالتكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة... ويا للعَجب!! متى حضر العدو الصهيوني في ساحةٍ ولم يكن الخراب والتدمير والقتل والتفجير والتهجير والفتن عنوانها الأبرز؟!
أنا ضد التطبيع لأنني أخاف على وطني
أنا ضد التطبيع لأنني أحب الكويت
أنا ضد التطبيع لأنني ذقت مرارة الاحتلال
أنا ضد التطبيع لأن من مسئوليتي أن أكون مع الحق
أنا ضد التطبيع لأن من مسئوليتي أن أنصر المظلوم
أنا ضد التطبيع لأن من مسئوليتي أن أهتم بأمور المسلمين
ومن بات لم يهتم لأمور المسلم فليس بمسلم!