خطبة الجمعة 8 صفر 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: انظر إلى طعامك

- (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا، فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)[عبس:24-32].
- في هذه الآيات الشريفة دعوة إلى التفكر والتأمل في نعمة الطعام للإنسان، ونعمة الطعام للأنعام التي يستفيد منها الإنسان على مستوى غذائه أيضاً، واستعمالاته الأخرى، كالاستفادة من ألبانها وأصوافها ووبرها وغير ذلك، من حيث كيفية تكوّنها، ومن حيث فوائدها المختلفة.
- وإذا كان الناس في زمن نزول الآيات يُدركون شيئاً بسيطاً عن فوائد الأغذية المختلفة، النباتية منها وغير النباتية، فإن العلم اليوم قد فتح آفاقاً عظيمة في هذا المجال، ونشأ عنه فرع علمي يشمل على تخصصات عديدة ترتبط كلها بمجال التغذية، تحت عنوان (علم التغذية).
- هذا التأمل والتفكير في موارد طعام الإنسان يقود إلى تأكيد فكرة وجود حالة التكامل والترابط فيما بين عناصر الوجود، بما في ذلك الإنسان، وأن فقدان إحدى هذه العناصر، من قبيل الفيتامينات أو البروتينات أو المعادن أو الأكسجين سيؤدي إلى القضاء على الوجود البشري، بصورة أو بأخرى.
- لو نأخذ مفردة واحدة وهي فيتامين (دي) فإن نقصه، وليس انعدامه، من الممكن أن يسبب آلام والتهاب العظام، اضطرابات في الذاكرة، مشاكل في الدماغ، الإصابة ببعض أمراض القلب، زيادة فرص العدوى والالتهابات، ضعف في مجال التناسل.
- من الذي حرص على توفير كل العناصر الضرورية لوجود الإنسان واستمراره على الأرض؟ هل يمكن تصوّر وجود هذه الحالة من التكامل والترابط لولا وجود الخالق العليم القدير سبحانه وتعالى؟ أية سذاجة في التفكير أو أي عناد هذا الذي يقود الإنسان إلى ادّعاء العشوائية أو الصدفة في الخلق؟
– بل إن الله تعالى – بلطفه وكرمه – لم يوفّر طعام الإنسان فحسب، بل وعمل على تحقيق التنوع في اللذة المرتبطة بالطعم والرائحة والشكل أيضاً، فسبحانه من خالق عظيم وكريم.
- إن التفكر في هذا كله يثير عند الإنسان الإحساس بضرورة شكر المنعم الوهّاب والتقرّب إليه بالعبادة والعمل الصالح، فالْحَمْدُ لِلهِ عَلَى مَا عَرَّفَنَا مِنْ نَفْسِهِ، وأَلْهَمَنَا مِنْ شُكْرِهِ، وفَتَحَ لَنَا مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّتِهِ، ودَلَّنَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ لَهُ فِي تَوْحِيدِهِ، وجَنَّبَنَا مِنَ الْإِلْحَادِ والشَّكِّ فِي أَمْرِهِ، حَمْداً نُعَمَّرُ بِهِ فِيمَنْ حَمِدَهُ مِنْ خَلْقِهِ، ونَسْبِقُ بِهِ مَنْ سَبَقَ إِلَى رِضَاهُ وعَفْوِهِ.