خطبة الجمعة 16 محرم 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الثانية : وارث مشروع الأنبياء

يبدو أن الآية التي ذكرتها في الخطبة الأولى والتي جاءت على لسان النبي شعيب (ع) كانت ملهمة للإمام الحسين (ع) في حركته، وهذا ما انعكس بوضوح في وصيته التي أودعها عند أخيه محمد بن الحنفية، وفيها: (وإنى لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي على بن أبي طالب...).
حيث نجد التأكيد على الإخلاص في نهضته، وأن الغاية من ورائها هي الإصلاح لا غير.
- ثم قال (ع): (.... وهذه وصيتي يا أخي إليك، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) مستلهماً بذلك ما جاء في نفس الآية الشريفة، ومؤكداً على أن حركته تأتي متوافقة مع حركة الأنبياء في دوافعها ومحركاتها وغاياتها.
ومن هنا نفهم جانباً من معنى الوراثة لآدم ونوح وإبراهيم والأنبياء الذين وردت أسماؤهم في زيارة وارث وفيها: (اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوح نَبِيِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ اِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَليمِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّد حَبيبِ اللهِ...)، فالحسين ليس وارثاً للأنبياء من حيث النسب فحسب، وهو سليل نوح وإبراهيم ومحمد (ص)، بل هو وارث مشروع الأنبياء لعمارةِ هذه الأرض بطاعة الله، وإصلاحِ ما فسد فيها مما اقترفته أيدي عبادِه، وإن كنا نُحيي ذكرى استشهاده في هذا الطريق في كل عام، فإن من مسئوليتنا أن يكون محور هذا الإحياء هو الإصلاح ما استطعنا، إصلاح أوضاعنا على المستويين الشخصي والعام، وأن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جناحي هذا الإصلاح، مستمدين في ذلك التوفيق من الله، ومنيبين إليه، وعليه متوكلين.