حديث الجمعة 10 ذوالحجة 1441: الشيخ علي حسن : أيهما أفضل.. الجمع أم التفريق بين الصلاتين؟


أيهمل أفضل؟ الجمع بين الصلاتين... الجمع بين الظهر والعصر، المغرب والعشاء... أم التفريق بينهما؟ سئلت عن هذا مكرراً منذ شهر رمضان إلى هذا اليوم، ويبدو أن الوضع الذي فرضته الجائحة ببقاء الناس غالب الوقت في البيوت، نبههم إلى هذه المسألة، وذلك مع اتساع أوقات الفراغ، والتواجد في مكان واحد، والغياب عن المساجد حيث تُجمع صلاة الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، ولذا أصبح الناس في فُسحة من أمرهم، وأثيرت لديهم المسألة لا من جهة التنازع الفقهي بين المذاهب الإسلامية حول هذه القضية فقط، بل من حيث البحث عمّا هو أفضل.
أول نقطة يجب الالتفات إليها في هذه المسألة هي أن السؤال بهذه الصورة في حد ذاته خطأ.
السؤال الصحيح الذي يجب أن يُطرح كالتالي:
إذا صلينا الظهر في أول الوقت، فهل الأفضل أن نصلي العصر بعدها مباشرة أم نؤجلها إلى وقت آخر؟ بعد ساعتين أو أقل أو أكثر أو مع أذان العصر؟
وإذا صلينا المغرب في أول وقتها، فهل الأفضل أن نصلي العشاء فوراً أو بعد نافلة المغرب، أم نؤجلها إلى بعد ساعة أو مع أذان العشاء مثلاً؟
هذا هو السؤال الصحيح... لماذا؟ لأن المصلي يمكنه أن يجمع بين الصلاتين بحيث يؤخر الظهر إلى أن يقترب وقت أذان العصر، فيصليها، ثم بمجرد الانتهاء منها يؤذن العصر فيصلي العصر فوراً.
والسؤال ليس عن هذه الصورة، بل أننا لو صلينا الظهر أول الوقت، فنقوم لنصلي العصر فوراً.. ولو صلينا المغرب أول الوقت، هل نقوم فنصلي العشاء فوراً. هل هذا هو الأفضل؟
أم الأفضل أن نؤجل بحيث نصلي العصر والعشاء لاحقاً، مع أذان إخواننا أهل السنة مثلاً.
هناك مصطلح فقهي معروف هو (وقت فضيلة الصلاة) أو (وقت الفضيلة)، أي الوقت الذي يفضّل أن نصلّي فيه، بحيث يكون فيه الثواب مضاعفاً أضعافاً كثيرة، ولربما له مميزات أخرى عند الله سبحانه كاستجابة الدعاء وشهادة عدد أكبر من الملائكة لهذه الصلاة وغير ذلك.
هذا لا يعني أنه بانتهاء وقت الفضيلة ستتحول الصلاة إلى قضاء، لا، ليس هذا المراد، بل المراد أن هذا هو الوقت الذي يفضّل أن تصلي فيه.. هو الأحسن، هو الأقرب إلى ما أراده الله، هو الأكثر مرغوبية والأكثر ثواباً.
وبالتالي، فإن إجابة السؤال هي: صلّ في وقت الفضيلة. وإذا كنت تبحث عن أفضل الأفضل، صلّ في أوّل وقت الفضيلة.
ولكن كيف أعرف أوقات الفضيلة لكل صلاة؟ خاصة العصر والعشاء محل السؤال.
لو نرجع إلى الرسائل العملية للمراجع سنجد أنهم يستعملون عادة مصطلحات يصعب فهمها أو تطبيقها. مثلاً يقال: (وقت فضيلة العصر من بلوغ الظل سُبعي الشاخص)، فما الحل؟
الحل في بعض الروزنامات، حيث ستجد فيها وقت كل صلاة، وستجد أيضاً وقت فضيلة تلك الصلاة. ولنأخذ مثالاً عملياً لكل صلاة من يوم محدد.
وقت صلاة الظهر عندنا في الكويت في يوم الجمعة 24 من يوليو / أيلول الساعة (11:57)، وفضيلتها تبدأ من هذا الوقت وتنتهي الساعة (2:30).
وتتحول صلاة الظهر إلى قضاء قبل غروب الشمس بعشر دقائق تقريباً.
أي إذا كنت تريد أن تصلي كيفما كان، عندك مجال من أول الظهر إلى قبل غروب الشمس بعشر دقائق تقريباً، أي من الساعة (11:57) إلى (6:35) تقريباً.
أما إذا كنت تبحث عن الأفضل، فصل في وقت الفضيلة، أي ما بين الساعة (11:57) إلى الساعة (2:30) وإذا كنت تريد أفضل الأفضل، فصل أول وقت الفضيلة.
تعالوا لنأخذ مثال صلاة العصر. إذا كنت تريد أن تصلي كيفما كان، عندك مجال من بعد أن تصلي صلاة الظهر إلى قبل غروب الشمس بخمس دقائق تقريباً، أي من الساعة (12:05) تقريباً إلى (6:40) تقريباً. يعني السابعة إلا ثلث تقريباً.
أما إذا كنت تبحث عن الأفضل، فصلّ في وقت الفضيلة، أي ما بين الساعة (1:34) إلى الساعة (3:30) وهو وقت أذان العصر عند إخواننا أهل السنة. وإذا كنت تريد أفضل الأفضل، فصل أول وقت الفضيلة.
فضيلة المغرب من أول وقتها إلى (8:13)، وعند هذا الوقت تبدأ فضيلة صلاة العشاء، أي أن هذا أفضل وقت لأداء العشاء.
ووقت فضيلة الصبح من أول وقتها إلى الساعة (4:37).
هذه هي أفضل أوقات أداء كل صلاة من الصلوات اليومية.
قبل أن أختم أحب أن أنبه إلى نقطة، وهي أن بعض الفقهاء كالسيد الخوئي، لهم رأي مختلِف في خصوص فضيلة العصر، حيث يرون أن وقت فضيلة العصر يبدأ من الزوال.
أي بمجرد أن تصلي الظهر أوّل الوقت، تبدأ فضيلة العصر.
أما السيد فضل الله والسيد السيستاني فكما ذكرنا قبل ذلك.
أرجو أن أكون قد أوضحت الإجابة على السؤال.