خطبة الجمعة 11 رجب 1441: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: مناجاة كشف الظلم

- الإنسان المؤمن مرهف الحس، لا يعيش همّ نفسه فحسب، بل يشارك الآخرين همومَهم وآلامَهم وأوضاعَهم ويتفاعل معها بنحوٍ من التفاعل.
- وعندما يجد المؤمنُ الظلمَ منتشراً حيثما التفت، وقد عمّ القتل والتهجير والتعذيب، والحصار المؤدّي إلى الفقر والمعاناة، والحرمان من أبسط مقوّمات الحياة، والسكن في العَراء، وغير ذلك من صور الظلم، ولا يتمكّن من تغيير الواقع، فإنه يبحث عن وسيلة يبثّ فيها هذا الهمّ، ويسعى للجوء إلى صاحب القوّة المطلقة ليخفف عن نفسه ضغط هذا الواقع المؤلم، ويطلب منه الفرج.
- وللإمام الجواد (ع) مُناجاةُ كَشْفِ الظُّلْم ضمّنها - أوّلاً - مجموعة من الآثار المترتبة على تمكُّنِ الظلم واستحكامِه في المجتمع، قال (ع): (اللَّهُمَّ إِنَّ ظُلْمَ عِبَادِكَ قَدْ تَمَكَّنَ فِي بِلَادِكَ حَتَّى‏ أَمَاتَ الْعَدْلَ، وَقَطَعَ السُّبُلَ، وَمَحَقَ الْحَقَّ، وَأَبْطَلَ الصِّدْقَ، وَأَخْفَى الْبِرَّ، وَأَظْهَرَ الشَّرَّ، وَأَخْمَدَ التَّقْوَى، وَأَزَالَ الْهُدَى، وَأَزَاحَ الْخَيْرَ، وَأَثْبَتَ الضَّيْرَ، وَأَنْمَى الْفَسَادَ، وَقَوَّى الْعِنَادَ، وَبَسَطَ الْجَوْرَ، وَعَدَى الطَّوْرَ) أي تجاوزت الأمور حدودها.
- ثم توجّه (ع) إلى الله ليستمدّ منه قوة الصبر والتحمل والمواجهة: (اللَّهُمَّ يَا رَبِّ، لَا يَكْشِفُ ذَلِكَ إِلَّا سُلْطَانُكَ، وَلَا يُجِيرُ مِنْهُ إِلَّا امْتِنَانُكَ. اللَّهُمَّ رَبِّ فَابْتُرِ الظُّلْمَ، وَبُثَّ حِبَالَ الْغَشْمِ، وَأَخْمِدْ سُوقَ الْمُنْكَرِ، وَأَعِزَّ مَنْ عَنْهُ يَنْزَجِرُ، وَاحْصُدْ شَأفَةَ أَهْلِ الْجَوْرِ، وَأَلْبِسْهُمُ الْحَوْرَ بَعْدَ الْكَوْرِ) أي النقص بعد الزيادة (وَعَجِّلِ اللَّهُمَّ إِلَيْهِمُ الْبَيَاتَ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمُ الْمَثُلَاتِ، وَأَمِتْ حَيَاةَ الْمُنْكَرِ).
- ثم يبيّن (ع) آثار ونتائج رفع الظلم وتمكّن العدل في المجتمع حيث قال: (لِيُؤْمَنَ الْمَخُوفُ، وَيَسْكُنَ الْمَلْهُوفُ، وَيَشْبَعَ الْجَائِعُ، وَيَحْفَظَ الضَّائِعُ، وَيَأْوَى الطَّرِيدُ، وَيَعُودَ الشَّرِيدُ، وَيُغْنَى الْفَقِيرُ، وَيُجَارَ الْمُسْتَجِيرُ، وَيُوَقَّرَ الْكَبِيرُ، وَيُرْحَمَ الصَّغِيرُ، وَيُعَزَّ الْمَظْلُومُ، وَيُذَلَّ الظَّالِمُ، وَيُفَرَّجَ الْمَغْمُومُ، وَتَنْفَرِجَ الْغَنَاءُ) يخرج الناس من حالة الفقر إلى الغِنى (وَتَسْكُنَ الدَّهْمَاءُ) وتهدأ عامة الناس (وَيَمُوتَ الِاخْتِلَافُ، وَيَعْلُوَ الْعِلْمُ، وَيَشْمَلَ السِّلْمُ، وَيُجْمَعَ الشَّتَاتُ، وَيَقْوَى الْإِيمَانُ، وَيُتْلَى الْقُرْآنُ، إِنَّكَ أَنْتَ الدَّيَّانُ الْمُنْعِمُ الْمَنَّانُ).‏
- دعوة لكل من ضاقت نفسه بالظلم أن يتوجّه إلى الله بهذه الكلمات بقلب خاشع ونية صادقة.