خطبة الجمعة 6 جمادى الآخرة 1441: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الولاء الإلهي

- خامس أدعية الصحيفة السجادية تحت عنوان: (وكانَ من دُعائهِ (ع) لنفسِهِ وَأهْلِ وَلايَتِهِ) أي المرتبطين به بالوَلاء، وفي بعض النسخ (وخاصته) بدلاً من (أهل وَلايته).
- بعد أن يُثني الإمامُ (ع) على الله (عز وجل) بأنواع الثناء ويدعو ببعض الدعوات، يقول: (اللّهُمَّ إنّكَ مَنْ وَالَيْتَ لَمْ يَضْرُرْهُ خِذْلانُ الْخَاذِلِينَ).
- من طبيعة ضعف الإنسان أنه يشعر دائماً بالحاجة إلى السند الذي يلجأ إليه في أوقات الحاجة... وهذه الحاجة قد تكون مالية، وقد تكون حاجة لموقف مساند، وقد تكون بالدفاع الميداني في حالة وجود عدوان مباشر، وقد تكون بصور أخرى مختلفة.
- ومن هنا برز نظام الولاء في تاريخ العرب، حيث يأتي الشخص الغريب، أو الهارب، أو غير العربي، أو المحرَّر من العبودية، فيطلب أن يكون تحت حِمى شخص أو قبيلة أو أسرة معيّنة، وقد تصل الأمور أحياناً إلى أن يأخذ لقب تلك القبيلة، فيقال: (القرشي ولاء) أو (الكندي ولاء).
- وإنما تظهر الحاجة إلى الأولياء في ساعة العسرة، فكيف إذا اتّخذوا موقف الخذلان عندما يجتمع الأعداء أو تشتد المحنة أو يتفرّق الأصدقاء؟ عندها ستكون الصدمة كبيرة والألم شديداً.
- لذا فالإمام (ع) ينبّه إلى ضرورة أن يجعل الإنسان المؤمن أملَه بالله (تعالى) على كل حال، وأن تكون ثقته به كبيرة، وأن يتوقّع من الناس الخذلان، كي لا يقع ضحية الموقف السلبي منهم.
- وهذا يستدعي من المؤمن أن يبني هذه العلاقة القوية مع الله، العلاقة التي تكون ناشئة عن بصيرة ووعي لحقيقة أن الله هو القوي العزيز، السميع البصير العليم بما ظهر وما بطَن، وأنه الذي بيده مقادير كل شيء، ولذا قال (ع): (اللّهُمَّ إنّكَ مَنْ وَالَيْتَ لَمْ يَضْرُرْهُ خِذْلانُ الْخَاذِلِينَ).
- لاحظ في الرواية التالية قيمة أن يكون الله ولياً للإنسان وناصراً، سئل أمير المؤمنين (ع): (أيُّ ذنبٍ أعجلُ عقوبةً لصاحبه؟ فقال: مَن ظلم مَن لا ناصر له إلا الله، وجاور النعمة بالتقصير، واستطال بالبغي على الفقير). إذا ظلمتَ مَن كان اللهُ وليَّه، فتوقّع العقوبة القاسية والسريعة.
- وإنما يكون الله ولياً وناصراً للإنسان عندما يُقبِل الإنسان على ذلك ويسعى لتحقيق هذا الولاء من خلال صِدق الإيمان والتقوى والعمل الصالح والعبادة وأن يكون إيمانُه بالمفهوم الحقيقي لولاء الله عميقاً في عقله ونفسه، وأن يجده الله ناصراً لدينه وأوليائه وللحق... أمّا الذي يخذلُ دينَ الله ويخذلُ أولياءَ الله ويخذلُ الحق، ولا يُبالي، فكيف له أن يتوقع نُصرةَ الله له؟ فعلاقة الولاء علاقة متبادلة، وليست من جهة وحدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7].