خطبة الجمعة 22 جمادى الأولى1441: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الاستشراق الاستعماري


- نقل القرآن الكريم صورتين لموقفين متعارضين من مواقف علماء أهل الكتاب تجاه رسالة الإسلام وكتاب الله المجيد:
1. صورة المنصِفين الباحثين عن الحقيقة والمبادرين للتصديق به بمجرد الاطلاع عليه، وذلك في مثل قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا، وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً، وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء:107-109].
2. صورة المكابرين الجاحدين الذين يصِلون إلى الحقيقة فيُنكرونها، قال تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [البقرة:146].
- وعدد كبير من المستشرقين الذين نشطوا بقوة منذ القرن الثامن عشر وبحثوا في الإسلام هم من هذا النمط الثاني الذي لم يستطع التجرّد من العصبيّة، والتحلّي بالإنصاف عند البحث.
- والاستشراق عبارة عن حركة غربية تركز على استكشاف الثقافة الشرقية ودراستها عن كثب، وتوضيح النظرة الغربية لهذه الثقافة في مجالات التاريخ والاقتصاد والجغرافيا واللغة والآداب والفنون والأديان، وغير ذلك.
- وهذه الحركة وإن كانت مهتمة بالشرق ككل على اختلاف ثقافاته وحضاراته ودياناته، إلا أن اهتمامها انصبّ - بالدرجة الأولى – على الإسلام والمسلمين وشئونهم.
- وقد نشطت حركة الاستشراق ضمن الحركة (الاستعمارية) للشرق، وكانت في خدمتها، واستمرّت تقريباً إلى منتصف القرن العشرين، وأُطلق عليها مرحلة (الاستشراق الاستعماري).
- ثم دخل الاستشراق مرحلة ما بعد الاستعمار، والتي اهتمت بدراسة الآثار الثقافية والقيمية والعلمية وغيرها للاستعمار الغربي للشرق، على المستعمَر والمستعمِر، واستمرت قرابة 40 سنة.
- واعتبر بعض الباحثين أنه مع بداية القرن الحادي والعشرين، ولا سيما أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، بدأت مرحلة أخرى من الاستشراق أخذت عنوان (الاستشراق الجديد)... فما هي ملامحه؟ وما هي أهم خصائصه؟ ومدى خطورته؟ سأتحدث عن هذا في الخطبة الثانية بإذن الله.