خطبة الجمعة 26 من صفر 1441: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: انظر مَن تُجالس

- من وصايا رسول الله (ص) لأمير المؤمنين (ع): (يا علي، مَن لم تَنتفعْ بدينِه ولا دنياه فلا خيرَ لكَ في مجالستِه).
- الطبيعة الاجتماعية في الإنسان تدفعه للبحث عمّن يجالسه على الأقل، إن لم يتحوّل ذلك إلى حالة من الصداقة والعلاقة القوية فيما بينهما.
- تبدأ هذه الرحلة في الطفولة المتأخرة أو بداية المراهقة، وتتغيّر تدريجياً في صورتها وطبيعتها كلما كبُر الإنسان، وقد يكتفي في سن متأخرة بمجالسة الآخرين دون تكوين صداقات.
- في مجتمعاتنا اليوم صور من المجالس التي قد يرتادها الإنسان ويعتاد عليها، وهي تختلف من بلد إلى آخر من حيث المسمى، ومن حيث طريقة عقد هذه المجالس وإعدادها. ومن بين تلك الصور:
1. الديوانية، وهي بالنسبة إلى كثير من كبار السن والشباب عادة شبه يومية، وتستهلك جزءً ملحوظاً من وقت روّادها، وهي في حين أنها ظاهرة اجتماعية إيجابية، إلا أنها تحمل في طياتها عدة سلبيات، من بينها أن يكون تواجدُك فيها بلا طائل، ومجرّد قتل للوقت.
- فإذا كان المجلس نافعاً على مستوى دينك، كأن يكون مجلساً فيه ذكر الله وتلاوة كتابه وتعلّم لأحكامه وغير ذلك، فهو مجلس خير... أو على مستوى دنياك، كأن يكون مجلساً تتعلّم من روّاده بعض خبرات الحياة وبعض المهارات التجارية أو الصناعية وأمثال ذلك، أو مجلساً أدبياً أو ثقافياً أو علمياً وما شابه، فهو مجلس خير.. وإن لم يكن لا هذا ولا ذلك، فلا خير فيه.
2. ومثل الدواوين، المقاهي.. والتي قد لا تلتقي فيها بأحد، ولكنك تمضي الساعات والساعات مع الشيشة والمباريات والأفلام المعروضة عبر الشاشة والعبث بالهاتف المحمول فقط.. ولا خير في هذا المجلس ما لم ينفعك، لا على المستوى الأخروي أو لا الدنيوي.
3. المحادثة عبر الإنترنت والتي قد تطول كذلك لساعات ممتدة، وهي صورة حديثة لمجالسة الآخرين، بل قد تتحوّل إلى حالة من المغالاة في ذلك بامتدادها لساعات طويلة من اليوم، وهو ما لم يكن متاحاً بهذه الصورة من قبل، على أن مثل هذه المجالس في العالم الافتراضي تكون في الأعم الأغلب بلا فائدة تُرتجى.
- هذه الصور وأمثالها من المجالس تضييع للعمر الذي هو بمثابة فرصة غير قابلة للتكرار، وإهدار للطاقات المودعة في الإنسان، وهي انعكاس لحالة من فقدان الإحساس بالمسؤولية.. أما مَن أراد لنفسه الخير في الدنيا والآخرة فإنه سيتعامل مع عمره بمسئولية، كما روي عن علي (ع) أنه قال: (إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما، ويأخذان منك، فخذ منهما) وعنه (ع): (احذروا ضياع الأعمار في ما لا يبقى لكم، ففائتها لا يعود).